للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقال أبو يوسف: تجب قيمة النقد الذي وقع عليه العقد من النقد الآخر يوم التعامل وقال محمد يجب آخر ما انقطع من أيدى الناس قال القاضى الفتوى في المهر والقرض على قول أبي يوسف وفيما سوى ذلك على قول أبي حنيفة انتهي – قال التمرتاشي اعلم أنه إذا اشترى بالدراهم التي غلب غشها أو بالفلوس وكان كل منها نافعا حتى جاز البيع لقيام الاصطلاح على الثمنية، ولعدم الحاجة إلى الإشارة لالتحاقها بالثمن ولم يسلمها المشتري للبائع ثم كسدت بطل البيع والانقطاع عن أيدي الناس كالكساد حكم الدراهم كذلك فإذا اشترى بالدراهم ثم كسدت أو انقطعت بطل البيع ويجب على المشتري رد المبيع إن كان قائما مثله إن كان هالكا وكان مثليا وإلا فقيمته وإن لم يكن مقبوضا فلا حكم لهذا البيع أصلا وهذا عند الإمام الأعظم وقالا لا يبطل البيع، لأن المتعذر إنما هو التسليم بعد الكساد، وذلك لا يوجب الفساد، لاحتمال الزوال بالرواج كما لو اشترى شيئا بالرطبة، ثم انقطع وإذا لم يبطل وتعذر تسليمه وجبت قيمته، لكن عند أبي يوسف يوم البيع، وعند محمد يوم الكساد وهو آخر ما تعامل الناس بها، وفي الذخيرة: الفتوى على قول أبي يوسف ... (١) وذكر ابن عابدين أن الظاهر من كلامهم هو أن هذا الخلاف في الفلوس، والدراهم التي غلب غشها، غير أن بعض الحنفية عمموه في المغشوشة وغيرها (٢) ثم ذكر ابن عابدين مسألة وقعت في عصره رجح القول فيها بناء على العدالة، لا على الشكل والتقليد فقال: (أعلم أنه تردد في زماننا ورود الأمر السلطاني بتغيير سعر بعض النقود الرائحة بالنقص، واختلف الإفتاء فيه، والذي استقر عليه الحال الآن دفع النوع الذي وقع عليه العقد لو كان معينا كما لو اشترى بمائة ريال أفرنجي، أو مائة ذهب عتيق، أو دفع أي نوع كان بالقيمة التي كانت وقت العقد إذا لم يعين المتبايعان نوعا والخيار فيه للدافع كما كان الخيار له وقت العقد، ولكن الأول ظاهر سواء كان بيعا أو قرضا بناء على ما قدمناه وأما الثاني فقد حصل بسبب ضرر ظاهر للبائعين فإن ما ورد الأمر برفضه متفاوت..) ثم قال: (وقد كنت تكلمت مع شيخي فجزم بعدم تخيير المشتري في مثل هذا لما علمت من الضرر، وإنما يفتي بالصلح..) ثم بين بأن القضية تدور مع علتها قائلا: (فإنه وإن كان الخيار للمشتري في دفع ما يشاء وقت العقد وإن امتنع البائع لكنه إنما ساغ ذلك لعدم تفاوت الأنواع، فإذا امتنع عما أراد المشتري يظهر تعنته أما في هذه الصورة فلا، لأنه ظهر أنه يمتنع عن قصد إضراره....)

فعدم النظر له بالكلية مخالف لما أمر به من اختيار للأنفع له، فالصلح حينئذ أحوط، والمسألة غير منصوص عليها بخصوصها.

فينبغي أن ينظر في تلك النقود التي رخصت ويدفع من أوسطها نقصا، لا الأقل، ولا الأكثر، كيلا يتناهى الضرر على البائع أو على المشتري (٣) .

وهذا ما نحن نؤكد عليه هنا أنه ما دامت النقود الورقية غير منصوص عليها فلابد إذن من رعاية ما يحقق العدالة، ويرفع الحيف والضرر والضرار دون النظر إلى الشكل.


(١) رسالة النقود: ٢/٦٠- ٦١، والهداية وفتح القدير: ٧/١٥٥
(٢) رسالة النقود: ٢/٦٢
(٣) النقود: ٢ /٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>