للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجيح:

ولذلك فالراجح هو القول بنقدية هذه الأوراق المالية وبالتالي وجوب الزكاة فيها باعتبار قيمتها وكونها صالحة للثمنية والحقوق والالتزامات وعدم جواز الربا فيها لا نقدا ولا نسيئة، ولكن مع ملاحظة أنها لا تؤدي جميع الوظائف المطلوبة وبالتالي ملاحظة قيمتها عندما تحدث فجوة كبيرة بين قيمة النقد في وقت القبض وقيمته عند التسليم وهذا في نظري هو الرأي الذي يحقق العدل الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم ((قيمة عدل لا وكس ولا شطط)) (١) وهذا هو الواقع الذي تعيشه نقودنا الورقية حيث يعترف كثير من الاقتصاديين بأنها لا تؤدى اليوم جميع وظائفها (٢) .

وفي رأيي أن نظام النقود اليوم نظام خاص لا يمكن إجراء جميع الأحكام الخاصة بالنقود المعدنية – الذهب والفضة وحتى الفلوس عليها فهو نظام خاص جديد لا بد أن نتعامل معه على ضوء واقعه ونشأته وتطوره وعطائه وما جرى عليه ولذلك فما المانع من أن نقره كوسيط للتبادل التجاري ولكنه مع ذلك يلاحظ فيه قيمته ونربطه أما بالذهب أو بسلة السلع بعد أن فقد النقد الورقي كثيرا من وظائفه حتى في الدول الغربية حيث لم يعد مثل السابق مقياسا للقيم حتى في الغرب الذي نشأ فيه ولا مخزونا للثروة حيث تخزن في الغالب بالذهب أو بالعقار أو بنحوها فقيمة نقودنا الحالية في قدرتها الشرائية فإذا فقدتها أو اهتزت فما الفائدة في شكلها أو ما كتب عليها؟ فهي لا تؤكل ولا تلبس ولا يتحلى بها وإنما ليشتري بها السلع ولذلك فالتساوي والتماثل والتفاضل والتعامل والزكاة باعتبار قيمتها ولذلك فما دام سعر الريال الواحد - مثلا - في وقت واحد لدولة واحدة لا يتصور فيه الزيادة فلا يحتاج إلى رعاية القيمة وكذلك الأمر في وقتين لم تتغير فيهما قيمته بشكل يؤدي إلى الغبن الفاحش فعلا لا تصورا وتخمينا وحتى تكون أبعاد هذا الذي اخترناه واضحة المعالم، فلابد أن نذكر التأصيل الفقهي له والمعيار الذي نعتمد عليه عند التقويم ومتى نلجأ إليه؟ وزمن التقويم ومكانه.


(١) رواه مسلم في صحيحه: ٢/١١٤٥
(٢) يراجع د حمدي عبد العظيم: السياسات العالية والنقدية في الميزان ص٣٤٢ د. محمد يحيى عويس مبادئ في علم الاقتصاد ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>