للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا انعقد الوعد صحيحًا فإن الأثر الذي يترتب عليه يجب أن نميز فيه بين مرحلتين يفصل بينهما ظهور رغبة الموعود له في التعاقد النهائي.

ففي المرحلة الأولى التي تسبق ظهور الرغبة لا يكسب الوعد الموعود له إلا حقوقًا شخصية حتى لو كان التعاقد النهائي من شأنه أن ينقل حقًّا عينيًّا كما في البيع. فإذا كان العقد الموعود بإبرامه عقد بيع فإن الموعود له بالبيع لا يكسب إلا حقًّا شخصيًّا في ذمة الواعد، ولا ينتقل إليه ملكية الشيء الموعود ببيعه. فيبقى الواعد مالكًا للشيء وله أن يتصرف فيه إلى وقت التعاقد النهائي ويسري تصرفه في حق الموعود له. فإذا باع العين فليس للموعود له إلا الرجوع بتعويض على الواعد. (١) وإذا هلك الشيء بسبب أجنبي تحمل الواعد تبعة هلاكه لا لأنه لم يسلمه إلى المتعاقد الآخر فحسب كما في العقد النهائي، بل أيضًا لأنه لا يزال المالك. (٢)

وتحل المرحلة الثانية بظهور رغبة الموعود له في إبرام العقد الموعود به في خلال المدة المتفق عليها، فإذا لم تظهر هذه الرغبة قبل انقضاء المدة، سقط الوعد بالتعاقد (٣) أما إذا ظهرت صراحة، (٤) أو ضمنًا كأن تصرف الموعود له في الشيء الموعود ببيعه إياه فإن التعاقد النهائي يتم بمجرد ظهور هذه الرغبة، ولا حاجة لرضاء جديد من الواعد، (٥) ويعتبر التعاقد النهائي قد تم من وقت ظهور الرغبة، لا من وقت الوعد.

وإذا اقتضى إبرام العقد النهائي تدخلًا شخصيًّا من الواعد، كما إذا كان العقد بيعًا واقعًا على عقار ولزم التصديق على إمضاء البائع تمهيدًا للتسجيل فامتنع البائع عن ذلك جاز استصدار حكم ضده، وقام الحكم متى حاز قوة الأمر المقضي مقام عقد البيع. فإذا سجل نقلت ملكية العقار إلى المشتري، وهذه الأحكام نص عليها التقنين المدني صراحة في المادة ١٠٢ مدني. (وكذلك المادة ١٠٣ من القانون المدني السوري، والمادة ١٠٢ من القانون المدني الليبي) . إذ تقول: "إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد الآخر طالبًا تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم متى حاز قوة الأمر المقضي به مقام العقد.


(١) فإذا كانت العين عقارًا وجب تسجيل البيع، حتى يسري في حق الموعود له عند إظهار رغبته في الشراء، انظر الوجيز، ص ٨٨
(٢) حكم محكمة النقض – مدني ١٣ يناير ١٩٣٨م مجموعة نمرة ٢ رقم ٨٤ ص ٢٤٠
(٣) قضت محكمة النقض بأن الوعد بالبيع يسقط من تلقاء نفسه بلا إنذار ولا تنبيه إذا انفض الأجل دون أن يظهر الموعود له رغبته في الشراء. ذلك أن الموعود له لم يلتزم بشيء بل كان له الخيار إن شاء قبل إيجاب الواعد ودفع الثمن خلال الأجل المتفق عليه، وإن شاء تحلل من الاتفاق دون أية مسئولية عليه. (نقض مدني ٦ مايو ١٩٥٤م مجموعة أحكام النقض ٥ رقم ١٢٤، ص ٨٣٤) .
(٤) وذهاب الموعود له قبل نهاية الأجل إلى محل إقامة الواعد ومقابلة ابنه وإبداء رغبته له في الشراء واستعداده لدفع الثمن، يعتبر قرينة على علم الواعد بالقبول، ويقع على عاتقه عبء نفي هذه القرينة، (نقض مدني ٦ مايو ١٩٥٤م مجموعة أحكام النقض ٦ رقم ١٢٤ ص ٨٣٤ وهو الحكم السابق الإشارة إليه)
(٥) نقض مدني ١٤ مايو سنة ١٩٤٢م مجموعة نمرة ٣ رقم ١٥٤ ص ٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>