للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعد بين الشريعة والقوانين المدنية الوضعية:

أشرنا فيما سبق إلى الاتجاه الشرعي لمدى الإلزام بالوعد، ثم ألقينا الضوء على مؤتمرات المصارف الإسلامية، ثم وضحنا ما يسير عليه العمل في البنوك الإسلامية، ولا يتبقى لدينا سوى أن نعرف موقف القوانين المدنية الوضعية من مدى الإلزام بالوعد؛ ولهذا سوف نشير فيما يلي إلى الوعد في القانون المدني الأردني , وكذا في القانون المدني المصرفي وبعض القوانين العربية الأخرى لنرى موقف هذه القوانين من الوعد وهل هو ملزم أو غير ملزم.

أ- القانون المدني الأردني:

ينص القانون المدني الأردني في المادة ١٠٦ منه على أن الوعد الصادر من الآمر بالشراء ملزمًا. كما تنص المادة ١٠٥ على أن الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كل من المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه. (١)

ومن نص المادة ١٠٦ نلاحظ أن القانون الأردني قد قرر صراحة أن الوعد ملزم للآمر بالشراء، وهذه أول حالة نجدها في القوانين الوضعية تنص صراحة وبوضوح؛ وذلك يرجع إلى أن القانون المدني الأردني حديث وقد استطاع المشرعون أن يلموا بجميع المعاملات الإسلامية الجديدة، والتي ظهرت وبرزت بعد انتشار البنوك الإسلامية ومنها عقد المرابحة للآمر بالشراء ومدى الإلزام بالوعد.

ب- القانون المدني المصري:

يرى القانون المدني المصري أن الوعد بالتعاقد – من أي من الجانبين- عقد كامل لا مجرد إيجاب ولكنه عقد تمهيدي لا عقد نهائي. (٢)

فالوعد بالتعاقد وسط بين مجرد الإيجاب والتعاقد النهائي. فالواعد بالبيع مثلًا قد التزم بأن يبيع الشيء الموعود ببيعه إذا أبدى الطرف الآخر رغبته في الشراء، وهذا أكثر من إيجاب؛ لأنه اقترن به القبول فهو عقد كامل. ولكن كلا من الإيجاب والقبول لم ينصب إلا على مجرد الوعد بالبيع؛ ولذلك يكون الوعد بالتعاقد مرحلة دون التعاقد النهائي.

وتنص الفقرة الأولى من المادة ١٠١ من القانون المدني المصري (وكذلك المادة ١٠٢ /٢ من القانون المدني السوري والمادة ١٠١/ ٢ من القانون المدني الليبي، والمادة ٩١ /٢ من القانون المدني العراقي) على أن: " الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها " (٣) ذلك أن الوعد بالتعاقد خطوة نحو التعاقد النهائي، فوجب أن يكون الطريق مهيأ لإبرام العقد النهائي بمجرد ظهور رغبة الموعود له. ولما كان الوعد هو خطوة نحو العقد النهائي كما سبق القول فإن شروط هذا العقد من حيث الانعقاد والصحة تكون بوجه عام مطلوبة في عقد الوعد ذاته. (٤)


(١) الفتاوى الشرعية للبنك الإسلامي الأردني – الجزء الأول، ١٩٨٤، ص ٤٨
(٢) د. السنهوري – الوجيز- مرجع سابق، ص ٨٥
(٣) د. السنهوري – الوجيز- مرجع سابق، ص ٨٦
(٤) كالأهلية وعيوب الإرادة ومشروعية المحل والسبب انظر د. السنهوري – الوجيز - ص ٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>