للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أجاب أكثر من فقيه وعالم وهيئات شرعية على هذه الادعاءات وفندوها، بل اتخذت المؤتمرات العلمية عدة قرارات بشأنها، وأوضحت هذه الردود عدم صحة الاعتراضات الموجهة إليها، ومن هذه الردود نشير بإيجاز إلى بعضها فيما يلي:

بخصوص اعتبار هذه الصورة من قبيل الربا، فإن من ينظر إلى بيع الأجل أو التقسيط لا يجد فيه شيئًا من الربا وشبهته لأن الزيادة في بيع الأجل والتقسيط ليست خالية من عوض، بل هي في مقابلة العين المبيعة، وكما أن هذا البيع يفترق عن الربا بأنه إذا حل الأجل ولم يؤد الثمن فإنه لا زيادة عليه ولا مؤاخذة إن كان معسرًا بل يمهل حتى يوسر لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨١] وإن تأخر بغير عذر فهو ظالم يستحق العقوبة كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((: مطل الغني ظلم)) . (١)

وحديث: ((: لَيُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته)) (٢) وعلى ذلك يستطيع البنك الإسلامي أن يحصل على التعويض عن الضرر الفعلي الذي لحقه وذلك استنادًا إلى حديث: ((لا ضرر ولا ضرار)) . (٣)

وقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت ((: اشترى رسول الله من يهودي طعامًا نسيئة ورهنه درعًا له من حديد)) .

أما بخصوص اعتبار هذا البيع يدخل في النهي عن بيعتين في بيعة، فإن بيع الأجل بثمن أكبر من ثمن النقد أو الحال لا يدخل مطلقًا ضمن حديث بيعتين في بيعة؛ حيث إن البيع عقد والعقد يتم بالإيجاب والقبول أو ما يقوم مقامهما.

وهذا معنى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] . وأن هذا البيع لم يتم إلا بعقد واحد وبيع واحد، أما ثمن النقد أو ثمن الأجل وهو بذلك يخرج عن نطاق النهي عن بيعتين في بيعة.


(١) رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة، كما رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر كما في فتح القدير – جـ ٥ – ص ٥٢٣
(٢) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحكم والبيهقي من حديث عمرو بن الشريد، عن أبيه، وعلقه البخاري
(٣) رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>