للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما عن القول بأنها عبارة عن بيع الشخص ما ليس عنده فإنه من المعروف أن البنك لا يعرض أن يبيع شيئًا ولكنه يتلقى أمرًا بالشراء، ولا يبيع البنك حتى يملك ما هو مطلوب ويعرضه على الآمر بالشراء ليرى ما إذا كان مطابقًا للمواصفات.

أما الآراء الأخرى والتي ترى أن الوعد ملزم فإنها تستند في ذلك إلى أن الوفاء بالوعد واجب ديانة؛ وذلك استنادًا إلى الآيات القرآنية. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) } [الصف:٢،٣] ، ومن هذه الآية نجد عبارة " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ " تعطي الدلالة إلى أنه كبيرة وليس مجرد حرام. (١)

وفي آية أخرى يقول الله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٧] ، ومن هذه الآية الكريمة يتضح لنا ذم الله المنافقين، وأن نفاقهم كان سبب إخلافهم وعدهم مع الله.

وقياسًا على ذلك إخلاف الوعد مع الناس، حيث لا فرق في أصل الحرمة بين الأمرين، كما أن نكث العهد محرم سواء كان مع الله أم مع الناس. (٢)

وفي آية أخرى قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] ، وعندما أثنى الله تعالى على نبيه إسماعيل قال: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: ٥٤] .

وفي الأحاديث النبوية الكثير من هذه الدلالات الواضحة ففي الحديث الصحيح المتفق عليه من رواية أبي هريرة. قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) . (٣)

وفي حديث عبد الله بن عمر وهو حديث صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((: أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) . (٤)

كذلك ما روي عن بعض الفقهاء من المسلمين عن إلزام الوعد، ومنهم ما روي عن ابن شبرمة فيما نقله عن ابن حزم حيث قال: " الوعد كله لازم، ويقضى به على الواعد ويجبر" (٥)

كذلك بالإضافة إلى الكثير من الآراء لجماعة من السلف في وجوب الوفاء بالوعد. (٦)


(١) د. يوسف القرضاوي: بيع المرابحة للآمر بالشراء – مرجع سابق- ص ٩١
(٢) د. يوسف القرضاوي: بيع المرابحة للآمر بالشراء.
(٣) رواه البخاري في كتاب الإيمان – باب علامة المنافق
(٤) رواه مسلم والبخاري
(٥) المحلى – جـ ٨- مسألة ١١٢٥
(٦) انظر تفصيلات ذلك في كتاب: د. يوسف القرضاوي – بيع المرابحة للآمر بالشراء - مرجع سابق، ص ٩٤ وما بعدها، وهو يستند في ذلك إلى الإمام البخاري في صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>