للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي المختار:

إن ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني هو المختار، لأن القول بفسخ العقد وبطلانه ينبغي أن يكون عندما يخرج العقد عن مدلوله، وهنا ما يزال العقد عقد مرابحة، كما أنه لا ضرر على أي طرف من المتعاقدين من جراء ذلك.

وبخصوص تخيير المشتري أو البائع عندئذ، أي أن يخير المشتري كما يقول المالكية للأسباب الآتية:

أولا: إن تخييره ينفي ضرر البائع له، حيث سيقوم المشتري بدفع الثمن الصحيح للمبيع وربحه.

ثانيًا: إن التفريط قد حصل من جهة البائع لعدم ثباته على قوله الأول، فعلى هذا لا خيار له (١) .

حكم إما إذا كذب المشتري البائع: إذا ادعى البائع الغلط فيما ذكره من ثمن للمبيع وكذبه المشتري، فأما أن يذكر وجها للغلط أم لا.

فإن لم يذكر وجها محتملا للغلط وقد كذبه المشتري، فإذا أراد أن يعزز ادعاءه ببينة، فهل تسمع بينته عندئذ أم لا؟

الجواب على هذه أن رأيان في المسألة:

الرأي الأول: ويقضى بعدم قبول قوله وبعدم سماع بينته للأسباب التالية:

١- أن البائع قد كذب البينة بنفسه عند إقراره بالثمن أولًا.

٢- أن إقراراه بالثمن الأول قد تعلق به حق الغير فلا يقبل رجوعه عنه.

هذه وجه نظر الشافعية (٢) ، وبه قال الحنابلة في رواية عنهم، إلا أنهم لم يفرقوا بين ذكر البائع وجها يحتمل الغلط أم لم يذكر شيئا في هذا القبيل (٣) .

وفي تحليف المشتري اليمين من قبل البائع على أنه لا يعرف الثمن الأخير ثمنا صحيحا للمبيع، وجهان عند الشافعية: أحدهما وهو الأصح، ويقضي بجواز طلبه اليمين، لأن المشتري قد يعترف بالثمن الأصلي عند عرض اليمين عليه، والآخر، ذكروا فيه عدم جواز طلب اليمين من المشتري، كما هو الأمر بالنسبة لعدم سماع بينة البائع.


(١) انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣/١٦٨
(٢) مغنى المحتاج ٢/٨٠
(٣) ابن قدامة في المغني ٤/١٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>