للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى الوجه الأول: إن حلف المشتري، فالأصح عندهم إمضاء العقد على ما حلف عليه، وإن نكل عن الحلف، ردت على البائع بناء على القول الأظهر عندهم، من أن اليمين المردودة كالإقرار، فيحلف البائع يمينا باتا على أن ثمن المبيع هو ما ادعاه أخيرا.

وفي إثبات الخيار لأي من الطرفين رأيان للشافعية أيضا: الأول، وقد ذكروا فيه أن الخيار للمشتري، وهذا على الوجه الضعيف القائل بثبوت الزيادة، وأما على الرأي المعتمد عندهم، فالخيار للبائع (١) .

الرأي الثاني: وهو مروى عن الحنابلة ذكروا فيه، أن البائع في المرابحة إذا ادعى الغلط في الثمن عند كلامه الأول، وأشهد على أن رأس ماله عليه ما قاله ثانيا، تسمع بينته، وقد أجاب ابن قدامة على أدلة القائلين برفض بينة البائع في هذه المسألة بما يلي:

١- إن البينة عادلة وقد شهدت بما يحتمل الصدق فتقبل، كما هو الأمر في سائر البينات.

٢- إننا لا نسلم بأن البائع قد أقر بخلاف بينته، لأن الإقرار يعني الاعتراف للغير، وإخبار البائع بثمن مبيعه قد حصل قبل أن يتعلق به حق الغير، فلم يكن إقرارا (٢) .

ما أرجحه: بعد عرض رأي الفريقين المختلفين من الفقهاء في هذه الجزئية ومناقشة الفريق الثاني لما استدل به الفريق الأول، يترجح عندي القول الثاني لوجاهته من جهة، ولأن البائع في مثل هذه الحالة مدع، ومن المعروف بداهة أن تسمع بينته في مثل هذه الحالة.

حكم ما إذا ذكر وجها يحتمل الخطأ:

وقفنا قبل قليل على رأي الفقهاء عندما يدعي البائع في المرابحة خطأ في الثمن ولم يذكر وجهًا يحتمل الخطأ، أما لو ذكر وجها يحتمل الخطأ كقوله: جاءني كتاب من وكيلي بأن ثمن المبيع الذي اشتراه هو مائة وعشرة مثلا وليس بمائة دينار، أو اتضح لي ذلك لمراجعة حساباتي وما أعتمد عليه من سجلات وأرقام بينة على ذلك، فالأصح عند الشافعية في مثل هذه الحالة، سماع بينة البائع التي يقيمها لتعزيز ادعائه، كما أن له تحليف المشتري على أنه لا يعرف الثمن الصحيح للمبيع، لأن العذر هنا يحرك ظن صدقه.

وذهبوا في وجه ثانٍ لهم إلى عدم قبول بينته حتى في هذه الحالة، ودليلهم هنا هو عين ما ذكروه في الحالة الأولى (٣) .

وبما أننا اخترنا رأي القائلين: بسماع بينة البائع عندما لا يذكر وجها محتملا لخطئه، فلأن نقول بقبول بينته عندما يحتمل كلامه الأول الخطأ من باب أولى.


(١) الخطيب الشربيني مغني المحتاج
(٢) المغني ٤/١٤٢
(٣) الخطيب الشربيني مغني المحتاج

<<  <  ج: ص:  >  >>