ثانيًا: إعادة التأمين في الفقه الإسلامي كما توصلنا إليه.
أولًا: إعادة التأمين في الفقه الغربي
(أ) فكرة عامة
تقوم عملية التأمين على تقدير الاحتمالات طبقًا لقوانين الإحصاء وعلى قانون الكثرة، وشركة التأمين تعمل كل ما في وسعها حتى يأتى حسابها مضبوطًا. ولكن الشركة لا تستطيع أن تطمئن إلى هذا التقدير اطمئنانًا كاملًا في مواجهة التزاماتها. فيجب عليها أن تدخل في حسابها أن هذا التقدير إنما هو تقريبى قد يخطئ، وهذا الخطأ يقل كلما كثر عدد المؤمَّن لهم طبقًا لقانون الكثرة، ولكن احتمال الخطأ مهما قلّ يبقى قائمًا. فيجب على الشركة إذن أن تواجه احتمال الخطأ هذا وما ينجم عنه من فروق في الحساب حتى تطمئن اطمئنانًا معقولًا إلى قدرتها على مواجهة التزاماتها للمؤمَّن لهم، وحتى يطمئن هؤلاء هم أيضا إلى ملاءة الشركة وإلى أن حقوقهم في ذمتها مكفولة، وذلك عن طريق إعادة التأمين، وهنالك صور أخرى كالتأمين المجزأ أو التأمين بالاكتتاب إلا أن المؤمِّن يفضل طريقة إعادة التأمين لكونها أضمن له في عمله التجاري من منافسة زملائه له في عملائه، وإعادة التأمين هى العملية الأساسية في الموضوع.
وقد تكون إعادة التأمين إجبارية بموجب القانون، وقد تكون اختيارية وهى منتشرة في التأمين البحرى بوجه خاص وأهم صورها أربع؛ ١- إعادة التأمين بالمحاصة. ٢- وإعادة التأمين فيما جاوز حد الطاقة. ٣- وإعادة التأمين فيما جاوز حدًا معينًا من الكوارث. ٤- وإعادة التأمين فيما جاوز حدًا معينًا من الخسارة، وهى أحدث الصور ظهورًا وأكثرها انتشارًا، ومزيتها التبسيط الشديد في إجراءات المحاسبات والمراسلات.
وهكذا نرى أن المؤمن يكون طرفًا مع المؤمَّن له في عقد التأمين، وطرفًا مع المؤمِّن المعين في عقد إعادة التأمين.
وإعادة التأمين تزاول عادة على صعيد دولى فتكون المقاصة في المخاطر لا فحسب بين الفروع المتعددة في البلد الواحد بل أيضا بين البلاد المتعددة، وانتشار إعادة التأمين على هذا الصعيد الدولى هو الذي يمكن لهذه العملية ويقيمها على أسس ثابتة مستقرة لدى فقهاء القانون، فكلما اتسعت دائرة المقاصة في المخاطر كلما كان تقدير احتمالات وقوع المخاطر أقرب للحقيقة.