من المعلوم أن الحاجة أدني من الضرورة منزلة إذ يلزم بلزومها الحرج والضيق، ويشترط أن تكون الحاجة لاعتبار الغرر غير مؤثر أن تكون عامة أو خاصة، وأن يكون ذلك العقد متعينا لسد تلك الحاجة بحيث لو أمكن سد الحاجة عن طريق عقد لا غرر فيه فلا يصح اللجوء إلي العقد الذي فيه غرر.
والذي يبدو لي أن الحاجة عامة لعموم البلوى، ولكن عقود التأمين بقسط ثابت ليست متعينة لسد تلك الحاجة.
فالذي تقتضيه قواعد الفقه الإسلامي منع هذا العقد بما فيه من غرر كثير من غير حاجة ملجئة إذ من الممكن أن يحتفظ بعقد التأمين في جوهره ونستفيد بكل مزاياه مع التمسك بقواعد الفقه الإسلامي وذلك بإبعاد الوسيط الذي يوالي الربح وجعل التأمين كله تأمينا تعاونيا خيريا بحتا تتولاه الحكومات في البلاد الإسلامية بكافة أنواعه فتجعل له منظمة تشرف عليه على أن يكون المعنى التعاوني بارزا فيه بروزا واضحا وذلك بالنص صراحة في عقد التأمين حينئذ على أن المبالغ التي يدفعها المشترك تكون تبرعا منه للشركة يعان منها من يحتاج إلي المعونة من المشتركين حسب النظام المتفق عليه.
فالخلاصة (إني أكره تحريما كل عقود التأمين التبادلي والتجاري لما فيها من الغرر ولعدم الحاجة إليها) .
(وحكم التأمين التجاري كعقد، الفساد لتمكن الغرر منه وفكرة الاسترباح "ولزوم ما لا يلزم شرعا"، وحكم عقد التأمين التبادلي الجواز مع الإثم) (علما بأن كل عقد فاسد شرعا عقد ربوي) هذا كله في التأمين التجاري والتعاوني (التبادلي) فقط.
أما التأمين الاجتماعي الذي تقوم به الحكومات فهو جائز شريطة خلوه من الربا نهائيا.
وأما صور التأمين الأخرى الجديدة التي ابتدعها الغرب ولم نصل إلي معرفة حقيقتها بعد بشكل مفصل فهي تحت مجهر البحث العلمي، ولكل عقد منها حكمه الشرعي حسبما تقتضيه طبيعته وخصائصه.