وحظ إعادة التأمين من الدراسة القانونية غير كبير فهى حديثة النشأة، ولم تبدأ إلا بعد انتشار التأمين انتشارًا واسعًا في العالم، وهى لا تعنى جمهور عملاء التأمين، إذ تقتصر العلاقة فيما بين المؤمّن والمؤمن المعيد، ومن هنا بقيت مجهولةً من الجمهور، والكثرة الغالبة من قضاياها تحل عن طريق التحكيم، وليس من السهل العثور على وثائق التحكيم لأنها لا تنشر.
التكييف القانونى لإعادة التأمين:
اختلف فقهاء القانون في هذا الشأن والذى استقر عليه القضاء والفقه في فرنسا على أن عقد إعادة التأمين ما بين المؤمّن والمؤمن المعيد ليس إلاّ عقد تأمين، يصبح فيه المؤمن مؤمنًا له، ويصبح فيه المؤمن المعيد مومِّنا، فهو في جميع الأحوال عقد تأمين تسرى عليه المبادئ العامة لعقود التأمين. ولا يجوز فيه أن يلتزم المؤمن المعيد نحو المؤمن بأكثر مما يلتزم نحو المؤمن له. ويجب أن يلاحظ أن إعادة التأمين عقد تأمين بين المؤمن والمؤمن المعيد، ولا شأن للمؤمن له به فهو أجنبى عنه لا يكسب منه حقًا ولا يحتمل التزامًا، ويبقى المؤمن وحده هو المسؤول نحو المؤمن له بموجب عقد التأمين الأصلى المبرم بينهما.
وإذا كان شأن إعادة التأمين كذلك إلا أنه عقد يتميز بقواعد خاصة به فيما يتعلق بالآثار المترتبة عليه، وقد استمدت هذه القواعد من اتفاقات إعادة التأمين المألوفة، واستقرت الشروط التى تتضمنها هذه الاتفاقات حتى أصبحت عرفًا ثابتًا، فهو عقد ملزم للجانبين وعقد رضائى ومن عقود المعاوضة، وهو كسائر عقود التأمين عقد زمنى وعقد احتمالى ومن عقود حسن النية، ويختلف عن عقد التأمين المباشر في أنه لا يعدُّ من عقود الإذعان، إذ كل من طرفيه – المؤمن والمؤمن المفيد محترف ذو خبرة ولا تفاوت بينهما من ناحية المركز الاقتصادى ويستطيع كل منهما أن يناقش في حرية وعن خبرة مهنية شروط الاتفاق. وأما المبدآن الرئيسيان اللذان يخضع لهما عقد إعادة التأمين فهما؛ مبدأ حسن النية ومبدأ وحدة المصير، فالطرفان أقرب إلى أن يكونا شريكين، ومن مقتضيات ذلك وجوب تقديم البيانات الصادقة ممن يجب عليه ذلك للطرف الآخر (١) .