للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: وليس كما زعم؛ لأن محمد بن مسلمة والأنصاري صاحب عبد الرحمن كان رأيهما خلاف رأي عمر وعبد الرحمن , وإذا اختلف الصحابة , رجع إلى النظر , وهو يدل على أن دماء المسلمين وأموالهم من بعضهم على بعض حرام , إلا بطيب نفس في المال. ومذهب مالك أن لا يقضي بشيء مما في هذا الباب؛ لحديث: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه)) . وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - وهو أيضًا قول الشافعي - رضي الله عنه - في القديم , ومشهور قوله في الجديد. انتهى.

وهذا هو الذي اقتبسته النظم الحديثة فيما وضعته من قوانين , ومنها القانون التونسي في شأن حقوق الارتفاق. الفصل ١٦٥ من مجلة الحقوق العينية.

ولقد اهتم الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - بموضوع جمع القرآن لما خاف الفتنة في اختلاف الرواة , فجمع القرآن في مصحف واحد , وأمر بإحراق ما عداه , وما ذلك إلا مراعاة منه للمصلحة العامة.

فقد روى البخاري , عن أنس بن مالك , أن حذيفة بن اليمان كان يغازي أهل الشام وأهل العراق حتى فتح أرمينية وأذربيجان فأفزعه اختلافهم في القرآن , فقال لعثمان رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين , أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة (١)


(١) حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولدت سنة ١٨ / ٦٠٤ قبل الهجرة. من أمهات المؤمنين. صحابية جليلة صالحة. ولدت بمكة وتزوجت خنيس بن حذافة السهمي , فكانت عنده إلى أن ظهر الإسلام. فأسلما وهاجرت معه إلى المدينة , فمات عنها , فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيها , فزوجه إياها سنة ٢ هـ أو سنة ٣ هـ , واستمرت في المدينة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن توفيت بها سنة ٤٥ هـ/ ٦٦٥ م روى لها الشيخان ستين حديثًا. (الأعلام ٢/ ٢٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>