للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولا وآخرا , ولا يضرك. فأبى , فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب , فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة , فأمره أن يخلي سبيله , فقال محمد: لا. فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه , وهو لك نافع , فتسقي به أولًا وآخرًا , وهو لا يضرك؟ فقال محمد: لا والله. فقال عمر عندئذٍ: والله ليمرن به ولو على بطنك. فأمر عمر , فمر به الضحاك.

وسيدنا عمر- رضي الله عنه - في قضاء آخر له يعتمد ذلك. فقد جاء في الموطأ عن عمر بن يحيى المازني , عن أبيه , أنه قال: كان في حائط جده (وهو أبو الحسن تميم الأنصاري الصحابي) ، ربيع - أي: جدول صغير – لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه , فمنعه صاحب الحائط , فكلم عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب في ذلك , فقضى لعبد الرحمن بتحويله (١)

وهذا اجتهاد من الخليفة الثاني - رضي الله عنه - يقرر المبدأ والقاعدة بصرف النظر عن الأخذ بذلك في هذا الفرع من عدمه.

فقد علق الزرقاني بقوله: قضاء سيدنا عمر لأنه حمل حديث: ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) . على ظاهره , وعداه إلى كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من دار جاره وأرضه.

روى ابن القاسم عن مالك: ليس العمل على حديث عمر هذا , ولم يأخذ به , وقال الشافعي في (كتاب الرد) لم يرد مالك عن الصحابة خلاف عمر في ذلك , ولم يأخذ به , ولا بشيء مما في هذا الباب , بل رد ذلك برأيه.


(١) شرح الزرقاني على الموطأ ٤/ ٣٤ - ٣٥. - ط. دار الفكر ١٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>