: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان , فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش , فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا , حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف , رد عثمان الصحف إلى حفصة , وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا , وأمر بسواه في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق (١)
وحدثت في عهد سيدنا علي - كرم الله وجهه - قضية , صورتها أن رجلًا كان يلاحق آخر لقتله , وكاد الهارب أن يتملص ويفر وينجو بنفسه , إلا أن مارا بالطريق أعان الملاحق وساعده , وذلك بمسكه للفار المراد قتله , حتى تمكن منه خصمه وقتله , وكان هناك رجل آخر بالطريق ينظر ولم يساعد القتيل , ولم ينجده ولم يسع لإبعاد الموت عنه.
فقضى سيدنا علي كرم الله وجهه بأن يقتل القاتل , وبأن يسجن المساعد حتى الموت , وأن تفقأ عين الذي كان يرى ويشاهد , ولا يساعد ولا ينجد.
وهذا من باب قاعدة المصلحة واعتمادًا على قاعدة التعزير إذ لا نص فيه.
وعقاب الممسك عن النجدة أخذ منه مبدأ المشاركة المعبر عنها بالامتناع المحظور , وهي جريمة جاءت بها القوانين الحديثة , ونص عليها في قانون العقوبات التونسي بالأمر المؤرخ في رجب ٩ جويلية ١٣٦١ /١٩٤٢ والأمر المؤرخ في جمادى الآخرة سنة ١٣٧٣ فيفري ١٩٥٤ , والقانون عدد ٤٨ المؤرخ في صفر ١٣٨٦ الموافق ٣ جوان ١٩٦٦ المنشور بالرائد الرسمي عدد ٢٤ المؤرخ في صفر جوان ١٣٨٦ /١٩٦٦.
وقد نص الفصل الثاني من هذا القانون على مبدأ إغاثة الغير ونص على عقاب من أمسك وامتنع عن هذه الإغاثة.
(١) ابن حجر: فتح الباري ١٠/ ٣٩١ وما بعدها.