للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: إن قتل الإنسان نفسه محرم بنص الآية، سواء كان الإنسان في حال ضجر أو غضب، كما ذكر آنفاً، وكذلك يقاس عليه إذا كان في حال حب أو مودة بالغة، فإن كل ما يعتور النفس من عواطف وما يصاحبها من انفعالات كل هذا لا يؤثر في حرمة نيل الإنسان من نفسه أو الإضرار بها؛ لأنها ملك لخالقها، وليس لك عليها إلا حق الانتفاع بها فقط، طبقاً لما حدده الشرع لك، وما أباحه لك عليها، فهي نفسك، ولكنها غيرك، نفسك تنتفع بها حسب شرع الله تعالى، وغيرك، حين تضر بها أو تنتفع بها في غير ما شرع الله تعالى، فتكون عقوبتك حينئذ أشد من عقوبة المعتدي على غيره.

رابعاً: إن تعريض النفس للهلاك محرم شرعاً، وذلك أخذاً من هذه الآية، فقد رأينا عمرو بن العاص رضي الله عنه يمتنع عن الاغتسال بالماء البارد، حين أصبح جنباً؛ خوفاً على نفسه من برودة الماء، مستدلاً بهذه الآية، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا التفسير، بل وسره صلى الله عليه وسلم ذلك، ولم يقل له شيئاًَ.

فهذا يدل على أن هذه الآية يدخل في مدلولها والمراد بها عدم تعريض النفس للهلاك، ولو كان ذلك من أثر استعمال الماء البارد، الذي يخشى الإنسان من أنه لو استعمله لأدى إلى هلاكه، فيكون ذلك ممنوعاً ومحرماً أيضاً.

خامساً: إن هذه الآية: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} جاء بعدها قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} الآية ٣٠ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>