للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد هذا ويدعمه ما ورد في تفسيره الآيتين التاليتين:

الآية الأولى هي قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} الآية. النساء: ٢٩. يقول القرطبي: (أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي عن أن يقتل بعض الناس بعضاً، ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الضرر المؤدي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: ولا تقتلوا أنفسكم في حال ضجر أو غضب، فهذا كله يتناوله النهي، وقد احتج عمرو بن العاص بهذه الآية حين امتنع من الاغتسال بالماء البارد حين أجنب في غزوة ذات السلاسل خوفاً على نفسه منه، فقرر النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه، وضحك عنده ولم يقل شيئاً. أخرجه أبو داود وغيره (١) .


(١) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال (لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام (ذات السلاسل) قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: قلت: يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فذكرت قول الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} . فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً) رواه أحمد وأبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>