٥- الآثار الاقتصادية للتأمين:
إن التاريخ يثبت أن تطوير برامج التأمين المختلفة وانتشار العمل بها كان له آثار إيجابية في تقدم المجتمعات المعاصرة واستقرار المعاملات فيها وتحسين التوزيع للثروات والدخول في المجتمع، ولا ريب أن نهوض بريطانيا التجاري وثروتها التي تكونت في القرون الماضية من التجارة الدولية تعود في جزء كبير منها إلى براعتها في تطوير التأمين البحري، الذي مكن تجار لندن ووليفربول من غزو العالم (ثم استعمار أجزاء منه) . ويمكن تلخيص الآثار الاقتصادية لانتشار التأمين في المجتمع فيما يأتي:
أ- من الثابت أن أقدم أنواع التأمين هو التأمين البحري، ولقد كان للتأمين البحري بالغ الأثر في النمو الاقتصادي في أوروبا بعد القرون الوسطى، والذي كان للتجارة الدولية فيه دور مهم.
ب- إن وجود برامج فعالة للتأمين على الأصول والممتلكات يزيد من إقدام أصحاب الثروات على الاستثمار لأنها ستقلل المخاطر التي يواجهونها، فيصير بإمكانهم حصر ما يواجهونه من مخاطر بتلك المتعلقة بالعمل التجاري فحسب، فيزداد مستوى تخصصهم وخبرتهم. وجلي ما لهذا من آثار على توليد فرص العمل وزيادة الثروة القومية.
جـ- ويرى الاقتصاديون أن درجة التقدم الاقتصادي مرتبطة بتحقق الاستقرار في المجتمع والذي يعرفونه: انخفاض درجة (عدم التيقن تجاه المستقبل) ، ولذلك فإن كل ما أدى إلى توسيع دائرة (التيقن) أدى إلى تسريع التقدم وزيادة معدل الرفاهية. ولذلك فإن برامج التقاعد والتأمين بأنواعه والرعاية الصحية وتوفير فرص العمل واستقرار القوانين المنظمة للأعمال وقوة الجهاز القضائي. . . كل ذلك يزيد من إنتاجية الفرد ويحسن من نوعية حياته وإنتاجه.
د- من الثابت أن التأمين لا يؤدي إلى التعويض عن الضرر فحسب، بل يؤدي إلى تحسن مستوى السلامة وزيادة التزام الناس بسبلها ومبادئها، مما يترتب عليه تقليل حجم الأخطار، ذلك لأن لشركات التأمين مصلحة دائمة في تقليل الحوادث وسد الذرائع إلى وقوع المكروه وتفادي أسباب حدوث الخسائر، وذلك لكي تزيد من أرباحها بتقليل ما تدفعه من تعويضات، ويقتضي هذا تمويل الأبحاث وتطوير البرامج والإجراءات التي تولد الحوافز لدى المستأمنين بالاهتمام بالسلامة واشتراط إجراءات يلتزم بها المستأمنون، وما هذا الانضباط الذي نراه في قيادة السيارات في الدول الغربية إلا نتيجة لعوامل؛ منها الالتزام بالتأمين على السيارة وارتباط رسوم التأمين ودفع التعويض بطريقة القيادة والحرص على السلامة.
هـ- الاستقرار في التعامل بالديون، ومعلوم أن البيع الآجل وأنواع المداينات الأخرى لها دور مهم في رفع مستوى رفاهية الأفراد وتنشيط التجارة، لأن المخاطرة التجارية فيها عالية بسبب مطل المدينين أو إفلاسهم أو تعرضهم للمرض وفقدان الدخل أو الموت. ويتحقق الاستقرار لأن شركات التأمين يمكن أن تضمن تلك الحقوق في حالة وفاة المدين أو عجزه عن الكسب أو هلاك الرهون التي توثق بها تلك الديون.
و الاستقرار الاجتماعي، وذلك بتعويض العمال في التأمينات الاجتماعية عن أضرار الحوادث، وتوفير برامج التقاعد والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والتأمين ضد البطالة.
ز- الاستقرار التجاري عن طريق التعويض عن المسؤولية تجاه الآخرين.
ح- تعبئة المدخرات الضخمة التي تتكون عن دفع الناس أقساط التأمين بأنواعه المختلفة إلى شركات التأمين وثم توجيهها عن طرق تلك المؤسسات نحو المشاريع الاستثمارية وبخاصة طويلة الأجل. إن شركات التأمين تعد أكثر المؤسسات قدرة على جمع المدخرات، والادخار كما هو معلوم أساس نحو الاقتصاد الوطني.