إن التأمين بمعناه الحديث صيغة من صيغ (إدارة) المخاطر، وجذوره التكافل بين أفراد المجتمع الذي هو أساس الاجتماع في دورات التاريخ. وقد عرفت كل المجتمعات الإنسانية أنماطًا من التكافل والتعاون، وما زال الناس يهرعون إلى نجدة الملهوف ومساعدة المصاب ومد يد العون إلى المحتاج. ومجتمعات الإسلام هي غرة جبين الزمان في حرصها على التكافل وعنايتها بالتعاون، وحث دينها على مثل ذك في الأخلاق وفي القوانين الفقهية التي تنظم المعاش وتحكم العلاقات بين الأفراد. ومن أعظم مؤسساتها الزكاة والوقف ونظام العاقلة. فكان التأمين قائم بينهم بالتزام كل قادر منهم بمساعدة إخوانه ممن يقع عليه المكروه، دون الحاجة إلى وجود جهة مركزية تنظم هذا التكافل بعقود واتفاقيات أو شركات مختصة بذلك، إلا أن هذا الأمر قد اعتراه التبدل الذي وقع في حياة المجتمعات في العصور الحديثة، الأمر الذي احتاجت معه صيغ التكافل والتعاون إلى مؤسسات متخصصة يقتصر عملها على تنظيم هذه الوظائف والنهوض بحاجة الناس إلى مساعدة بعضهم بعضًا عند وقوع المكروه بطرق مؤسسية، فظهرت شركات التأمين كما نعرفها اليوم.