للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلة في المنع والجواز ما ذكره ابن رشد بقوله: إن عمدة مَنْ منع ذلك أنه تشبيه الربح بالخسران، فكما أنه لو اشترط أحدهما جزءا من الخسران لم يجز كذلك إذا اشترط جزءا من الربح خارجا عن ماله، وربما شبهوا الربح بمنفعة العقار الذي بين الشريكين، أعني أن المنفعة بينهما تكون على نسبة أصل الشركة. وعمدة أهل العراق تشبيه الشركة بالقراض، وذلك أنه لما جاز في القراض أن يكون للعامل من الربح ما اصطلحا عليه، والعامل ليس يجعل مقابله إلا عملا فقط كان في الشركة أحرى أن يُجعل للعامل جزء من المال إذا كانت الشركة مالا من كل واحد منهما وعملا، فيكون ذلك الجزء من الربح مقابلا لفضل عمله على عمل صاحبه، فإن الناس يتفاوتون في العمل (١) .

ولا يخفى على هذا أن شركة العنان هنا شركة ومضاربة، وهذا ما صرح به الحنابلة (فيما إذا دفع إلى المضارب ألفا مضاربة وقال: أضف إليه ألفا من عندك واتَّجِر بها، والربح بيننا، لك ثلثاه، ولي ثلثه؛ جاز وكان شركة وقرضا) (٢) ، وإنما صح هذا العقد لما قاله ابن قدامة: لأنهما تساويا في المال، وانفرد أحدهما بالعمل، فجاز أن ينفرد بزيادة الربح ((٣) .


(١) (بداية المجتهد ونهاية المقتصد، للإمام محمد بن رشد: ٢/ ٢٥٢، مكتبة الكليات الأزهرية: ١٣٨٦ هـ- ١٩٦٦ م بمصر؛ والفواكه الدواني على رسالة بن أبي زيد القيرواني، للإمام أحمد بن غنيم النفراوي: ٢/ ١٩٨، طبع دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى ١٤١٨هـ- ١٩٩٧م بيروت؛ والشرح الصغير على أقرب المسالك، للإمام أبي البركات أحمد بن محمد الصاوي: ٣/ ٤٧٥، طبع دولة الإمارات العربية المتحدة- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ١٤١٠هـ- ١٩٨٩م؛ والمجموع، للإمام النووي شرح المهذب للشيرازي: ١٣/ ٥١٥، مطبعة الإمام بمصر)
(٢) (المغني: ٥/ ١٣٧، مسألة رقم ٣٦٤٢)
(٣) (المغني: ٥/ ١٣٧، مسألة رقم ٣٦٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>