للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*وإنما يظهر أثر إلزام الوعد فيما إذا طالب الموعود الواعد بالوفاء بما وعده به، فحينئذ يجب عليه الوفاء بالوعد (بيعا أو شراء) ، فإن امتنع عن تنفيذ وعده، رفع أمره إلى القضاء، وحينئذ يجبره القاضي على إجراء العقد، فإن من سلطات القاضي الفصل في المنازعات وقطع الخصومات إما صلحا عن تراض، ويراعى فيه الجواز، أو إجبارا بحكم بات يعتبر فيه الوجوب (١) .

وأرى أنه لا مانع شرعا من أن تتكرر الوعود الصادرة من أحد الشريكين للآخر،- أو لكل منهما- بيعا وشراء- تبعا لتكرر المحل المراد التصرف فيه، ووفقا للزمن الذي ارتضيا أن يعقدا العقد فيه بناء على هذا الوعد، تحقيقا لهدفهما في تحويل ملكية المعين المشتركة من أحد الشريكين إلى الشريك الآخر، لتصبح العين ملكا له ذاتا ومنفعة.

كما أود أن أنوه إلى أنه عند إتمام العقد مستوفيا أركانه وشرائطه الشرعية تنفيذا لهذا الوعد، فإنه تترتب عليه كل أحكام عقد البيع، ومن بينها انتقال الملكية وثبوت الخيارات الشرعية التي اتفق الفقهاء على أنه من أحكام العقد، وكذا ما اتفق المتعاقدان على العمل به فيما اختلف فيه الفقهاء. ولعل ثبوت هذه الخيارات إذا كان الثمن محددا في الوعد، يدرأ الخوف من نقص المبيع أو تعيبه أو تغيره أثناء الفترة السابقة على تنفيذ الوعد.

وإجراء العقد الموعود به في الوقت المتفق عليه، قلنا: إنه لا بد من أن يكون مستوفيا لأركانه وشرائط صحته. ونبرز هنا بعض الأمور:


(١) (الأحكام السلطانية، للماوردي، ص ١٣٨؛ ولأبي يعلى، ص ٦٥؛ ويراجع الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لابن قيم الجوزية، ص ٩٢؛ وحاشية ابن عابدين:٥/ ٤١٩؛ والقوانين الفقهية، لابن جزي، ص ١٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>