للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: أن يصدر مع عقد الإجارة في صورتنا هذه وعد من البائع ببيع جزء من العين المشتركة بينهما للمستأجر الشريك، في نهاية مدة الإجارة المعقودة بينهما، كما لو قال: أجرتك ما أملكه في هذه العين المشتركة بيننا (وهو الثلاثة أرباع مثلا لمدة سنة هي سنة ١٤٢٢ هـ، وأعدك ببيع ربعها في نهاية مدة الإجارة، ليصبح الشريك المستأجر حينئذ مالكا لنصف العين، ومستأجرا للنصف الآخر لمدة سنة أخرى هي سنة ١٤٢٣ هـ، وهكذا في السنة التي تليها بأن يقول له: أعدك ببيع ربعها في نهاية سنة ١٤٢٣ هـ؛ ليصبح الشريك المستأجر مستأجرا لربع العين فقط، ومالكا لثلاثة أرباعها، ثم يعده ببيع الربع الباقي له في السنة التي تليها وهي سنة ١٤٢٤ هـ، وبذلك يصبح الشريك المستأجر مالكا لجميع العين ذاتا ومنفعه.

*لمعرفة حكم هذه الصورة يلزمنا أن نشير إلى ما سبق أن أوضحناه من آراء الفقهاء في كون الوعد ملزما، أو غير ملزم، إذا كان وعدا بمباح، أو بمندوب إليه، وبينا أن جمهور الفقهاء (١) . يرون أن الوعد غير ملزم قضاء، ويستحب الوفاء به، وأن بعض الفقهاء يرون أن الوعد ملزم؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢-٣] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) (٢) .


(١) (وهو رأي الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وجمهور من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم) أن الوعد غير ملزم قضاء في جميع الأحوال، ويستحب الوفاء به ديانة، لأنه تفضل وإحسان، قال الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] ، ولأن الوعد في معنى الهبة قبل القبض، حيث إنه يجوز الرجوع في الهبة قبل قبضها)
(٢) (رواه مسلم في صحيحه حديث رقم (٢٧) من (المختصر))

<<  <  ج: ص:  >  >>