للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الأول: لا يصح إضافة البيع إلى زمن مستقبل ولا تعليقه:

جاء في الشرح الكبير عند بيانه لأنواع الشروط الفاسدة: الثالث: أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله: بعتك إن جئتني بكذا، أو إن رضي فلان، فلا يصح البيع، لأنه علق البيع على شرط مستقبل، فلم يصح كما إذا قال: بعتك إذا جاء رأس الشهر (١) . فقد قاس المذهب حكم تعليق العقد على شرط على حكم إضافة العقد إلى زمن مستقبل، قائلا: إن تعليق البيع لا يصح كما لا تصح إضافته. وقال البهوتي: (لأنه عقد معاوضة وهو يقتضي نقل الملك حال العقد، والشرط يمنعه) .

فالمذهب على الرأي الراجح يرى عدم جواز تعليق العقود التي يترتب عليها التمليك في الحال على شرط مستقبل..، وذلك لأنها وضعت لإفادة الملك في الحال، فإذا صدرت الصيغة معلقة على شرط (سواء أكان محقق الوقوع - كإذا جاء رأس الشهر بعتك - أم كان محتمل الوقوع - كإن جئتني بكذا بعتك) كانت هناك منافاة بين ما تقتضيه صيغة العقد من نقل الملك في الحال من المتصرف إلى المتصرف إليه، وبين ما يترتب على تعليقها من تعليق هذا الحكم على حدوث أمر في المستقبل، محتمل الوقوع، أو محقق الوقوع، فبعد أن كان الحكم وهو نقل الملك ناجزا أصبح غير ناجز، بل أصبح مترددا بين الوجود والعدم، فيكون غررا، والغرر منهي عنه، فيكون التعليق مفسدا لهذه التصرفات (٢) .


(١) (الشرح الكبير: ٤ /١٦؛ وكشاف القناع: ٢/ ٤١، ط. م. النصر الحديثة، والروض المربع: ٢/ ١٧٢)
(٢) (وجاء في الشرح الكبير: ٤/ ٦٨، ط. دار الكتب العلمية- بيروت؛ أنه لو قال: (بعتك على أن أستامر فلانا، أو حد ذلك بوقت معلوم، فهو خيار صحيح، وله الفسخ قبل أن يستأمره، لأنا جعلنا ذلك كناية عن الخيار، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، وإن لم يضبطه بمدة معلومة فهو خيار مجهول، فيه من الخلاف ما ذكرنا) . ويراجع العقود لابن تيمية، ص ٢٢٧؛ شرح منتهى الإرادات: ٢/ ١٦٤، المتوفى سنة ١٠٥١ هـ بالقاهرة)

<<  <  ج: ص:  >  >>