للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا نظرنا إلى الأفراد، فقد يبقى الشخص إلى هذا الزمن وقد ينتهي أجله؛ ومن هنا يعترضه عدم الحصول من حيث هذا المعنى، ومن ثم فلا تصح الإضافة.

*ونص الشافعية على أن إضافة عقد البيع إلى زمن مستقبل لا يصح، فلو قال: إن جاء الشهر فقد بعتك؛ لا يصح البيع، لأن نقل الملك يستدعي الجزم، ولا جزم مع التعليق (١) . وقالوا: ما كان تمليكا محضا لا مدخل للتعليق فيه قطعا، كالبيع، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه)) (٢) . ولا يتحقق طيب النفس عنده بشرط (٣) .

إلا أنهم استثنوا من هذه القاعدة ما إذا كان البيع ضمنيا فإنه يصح إضافته إلى زمن مستقبل، ومثلوا له بما إذا قال: (أعتق عبدك عني على مئة إذا جاء رأس الشهر) (٤) .

ويفهم من هذا الاستثناء: أن البيع الضمني يصح إضافته إلى زمن مستقبل، ففي هذه الصيغة صدر إيجاب- من الراغب في شراء هذا العبد، مضافا إلى زمن مستقبل- هو أول الشهر الذي يلي الشهر الذي نطق فيه بهذه الصيغة- ومحتويا على توكيل من المشتري للبائع بإعتاق هذا العبد عنه في موعد محدد هو أول الشهر، وقد حدد المشتري ثمن المبيع، وهو (مائة) (دينار أو درهم مثلا) ، ومعلوم أن العتق يقبل التعليق، إذ إعتاق العبد مضاف أيضا إلى أول الشهر، حيث إن أول الشهر أضيف إليه عقدان، البيع والعتق، أولهما لا يصح إضافته بمفرده، وثانيهما يصح إضافته بمفرده، ولكن لما اقترنا في هذه الصيغة، أعني (أعتق عبدك عني على مئة إذا جاء رأس الشهر) صح إضافة البيع الضمني إلى زمن مستقبل أيضا، وإنما كان ضمنيا لأن العتق هو إزالة لملك المعتق عن المعتق، ولا تأتى هذه الإزالة إلا إذا كان مملوكا له، ومن ثم اقتضت هذه الصيغة بيع العبد له، حتى يتأتى إعتاقه عنه فكأنه قال: (بعني عبدك هذا- أول الشهر بكذا، وأعتقه عني في هذا الوقت) فقالوا: في هذه الصورة يصح تعليق البيع الضمني.

وأما الحنابلة فلهم رأيان، رأي يمنع الإضافة (وهو الراجح) ورأي يجيز.


(١) (بعض الفقهاء لا يفرقون عند ذكر الأمثلة بين الإضافة والتعليق، نظرا لأن كلا منهما تستخدم فيه أدوات التعليق كإن، وإذا، إذ التعليق ما دخل على أصل الفعل فيه بأداته كإن، وإذا، والمعلق عليه إن كان محقق الوقوع يسمى إضافة، وإن كان محتمل الوقوع يسمى تعليقا)
(٢) (هذا الحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي حرة الرقاشي عن عمه: ٣ /٢٦؛ والحاكم في المستدرك: ١/ ٩٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما)
(٣) (المنثور في القواعد: ١ /٣٧٤، ٣٧٧)
(٤) (الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص ٣٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>