للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونص الحنابلة على صحة كراء العقبة:

قال ابن قدامة: قال أصحابنا: يصح كراء العقبة، وهو مذهب الشافعي، ومعناها: الركوب في بعض الطريق، يركب شيئا ويمشي شيئا، لأنه إذا أجاز اكتراؤها في الجميع، جاز اكتراؤها في البعض. ولا بد من كونها معلومة، إما أن يقدرها بفراسخ معلومة، وإما بالزمان، مثل أن يركب ليلا ويمشي نهارًا ويعتبر في هذا زمان السير دون زمان النزول. وإن أتفقا على أن يركب يوما ويمشي يوما، جاز. فإن أكترى عقبة، وأطلق، احتمل أن يجوز، ويحمل على العرف ويحتمل ألا يصح؛ لأن ذلك يختلف، وليس له ضابط فيكون مجهولا. وإن اتفقا على أن يركب ثلاثة أيام، ويمشي ثلاثة أيام، أو ما زاد ونقص، جاز. وإن اختلفا، لم يجبر الممتنع منهما؛ لأن فيه ضررا على كل واحد منهما؛ الماشي لدوام المشي عليه، وعلى الجمل لدوام الركوب عليه، ولأنه إذا ركب بعد شدة تعبه كان أثقل على البعير وإن اكترى اثنان جملا يركبانه عقبة وعقبة، جاز، ويكون كراؤهما طول الطريق، والاستيفاء بينهما على ما يتفقان عليه. وإن تشاحا، قسم بينهما لكل واحد منهما فراسخ معلومة، أو لأحدهما الليل وللآخر النهار. وإن كان لذلك عرف، رجع إليه. وإن اختلفا في البادئ منهما، أقرع بينهما. ويحتمل ألا يصح كراؤهما، إلا أن يتفقا على ركوب معلوم لكل واحد منهما؛ لأنه عقد على مجهول بالنسبة إلى كل واحد منهما، فلم يصح. كما لو اشتريا عبدين على أن لكل واحد منهما عبدا معينا منهما (١) .


(١) (المغني: ٨/ ٩٦-٩٧، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ود. عبد الفتاح الحلو)

<<  <  ج: ص:  >  >>