وأظن أن دور المجمع دور رئيس في هذا المجال أن يدفع بهذه العملية للتطبيق أمام المعاناة الكبيرة التي نعيشها في بلاد المسلمين بالنسبة لانتشار الفقر ومظاهر التخلف وغيرها.
أنا أعرف أن هذا الموضوع ليس معروضا على الجميع، إنما أحببت أن أشير إلى اختلاف طبيعة الترجيح عن عملية التشريع، وفيما نحن بصدده باستعراض الآراء وخاصة في هذه الثلاثة المسائل المهمة.
كنت أتمنى أن نبحث الموضوعات الثلاثة المعروضة في مجال الزكاة، كل موضوع على حدة، حتى لا تتداخل المناقشات وتصعب المتابعة كما لاحظتم، حيث يضطر المعلق أن يعلق على الموضوع الأول ثم الثاني ثم الثالث وهكذا، فلو عرضت كل قضية على حدة لتنتهي منها ومن ثم ننتقل إلى الموضوع الآخر لكان هذا أفضل.
بالنسبة لموضوع خصم النفقات في زكاة الزروع والثمار كتعليق بسيط لا بد من التمييز بين أنواع النفقات كما أشار بعض الإخوة، فالنفقات في مجال الري والسقي لا ينظر إليها، لأن الشارع قد لاحظها فيما قرره من نِسَبٍ مختلفة على الأراضي البعلية والأراضي المروية، أي التي تسقى من غير مؤنة والتي تسقى بمؤنة، أما النفقات الأخرى، فهي أيضا على نوعين، فبعضها يدخل فيما يمكن أن نسميه بنفقات الموسم من سماد وحرث وحصاد وصيانة لآليات الزراعة الحديثة، وبعضها الآخر يدخل في استصلاح الأرض وتهيئتها للزراعة وتيسير أمر زراعتها على مواسم عدة، ومثال ذلك شراء آليات الزراعة ووسائل نقل المحصول، فالنوع الأول يخصم كنفقة، والآخر لا بد من طريقة لخصمه على عدة مواسم، وهي النقطة التي أشار إليها الآن أخونا الدكتور شوقي والتي هي عملية التوزيع على عدة ... وسائل النقل ليس من المعقول من موسم واحد أخصم قيمة وسائل النقل، لن يكون هنالك شيء للفقير، لكن وسائل النقل تستهلك على عدة سنوات، (فيخصم ما يعادلها فيما يسمى بالمعدل الاستهلاكي السنوي، هذا هو الذي يخصم، لأنه ليس من المعقول: هو جاء بهذه الآليات للزراعة؛ فكيف نقول له هذا: لا تخصم وعليك أن تزكي، وبخاصة أننا الآن في بلاد المسلمين، والزراعيون يعانون معاناة شديدة، وكثير من دول العالم مثل السوق الأوروبية تدعم المزارعين والزراعة، فنحن إذا قلنا بأنه لا بد أيضا أن تزكوا ولا تخصم لكم النفقة، يعني معنى ذلك نهاية الموضوع الزراعي في البلاد العربية والإسلامية، فلذلك على الأقل أن نأخذ بهذه الأنظار التي تقيم وزنا في خصم النفقة، لكن ضمن معايير يقف عليها اقتصاديون واعون متقون لله سبحانه وتعالى ويضعون من التفاصيل المحاسبية لهذا الأمر ما يضمن في الواقع عدالة الأمر وسلامته.