الحمد لله رب العالمين، واصلي وأسلم على رسوله الكريم.
حقيقة ونحن نتعرض لهذه الموضوعات الحيوية الخاصة بالزكاة لا بد من أن ننبه إلى بعض الأمور الأساسية:
الأمر الأول: نظرا لكون الزكاة ركنا من أركان الإسلام فقد اهتم العلماء السابقون والمعاصرون بقضاياها، ومن هنا تعددت الآراء وتنوعت في المسائل المبحوثة وبخاصة في عصرنا هذا فيما يسمى بالأموال المستحدثة، والتي أصبحت تقوم عليها الحياة الاقتصادية المعاصرة مثل النقود وأسهم الشركات التي نحن بصددها، وغير ذلك من الأموال المستحدثة، أما هذا التعدد في مجامعنا ومجالسنا الفقهية غالبا ما نتوجه إلى عملية الترجيح بين الآراء، لأن الأمر في إطار الأموال المستحدثة أمر اجتهادي، وواضح أن الاستقصاء هو للأدلة ومحاولة بنائها على قواعد مقررة في الشريعة بالنسبة لموضوع الزكاة خاصة في الأموال الأصلية
الترجيح كما نعلم لا يرفع الخلاف، فالخلاف موجود، ولكن قد نختلف أيضا حتى في الترجيح لاختلاف الظروف والأحوال واختلاف الأنظار، وأساس الترجيح كما نعلم هو استعراض أدلة جميع الأقوال ومناقشتها ثم الانتهاء إلى رأي راجح بالدليل القوي أو بمعايير عامة، إذا لم نمسك بالدليل القوي فالمعايير مثل القول: إنه الأصلح للفقير، وهذا حدث في كثير من ترجيح الآراء بالنسبة لموضوع الزكاة، أو الأيسر في التطبيق، أو الأعدل بين المكلفين، أو الأكثر تحقيقا لمصلحة المجتمع، ونادرا حقيقة ما يلجا إلى المعيارين الأخيرين: معيار الأعدل بين المكففين والأكثر تحقيقا لمصلحة المجتمع، وسنرى كيف أن مثل هذين المعيارين سينفعان في الترجيح في بعض المسائل المطروحة علينا في هذا اللقاء، لكن لا بد من التنبيه هنا ما دام أننا في مجال الترجيح فلا بد من احترام جميع الآراء ولا يقسو بعضنا على بعض فيما نتبناه من آراء بل نترك المجال رحبا وواسعا لتعدد أنماط الترجيح وآفاقه ليكون الأمر في يسر وليس في تضييق، ولذلك أنا مع الإخوة الذين أشاروا إلى أنه ما الضير في أن الهيئة توجهت إلى رأي في هذا المجال والمجمع توجه إلى رأي في ذلك، خاصة ونحن لسنا أمام تشريع إنما نحن أمام فتوى وبيان الرأي لعامة المسلمين وليختر بعد ذلك المسلم ما يراه مناسبا، الأمر يختلف إذا كنا أمام عملية تشريعية لأحكام الزكاة عند ذلك لا بد من تبني من أجل التطبيق الإلزامي بقوانين تصدر لهذه الغاية، فمن هنا يعتبر عملنا المجمعي وعمل الهيئة وعمل أي جهة فقهية تتصدى لمثل هذه القضايا ثروة توضع بين يدي الذين سيقومون بعملية التشريع وإصدار القوانين للاستفادة منها في عملية التقعيد التي نسعى إليها لتصبح عملية جمع الزكاة في جميع بلاد المسلمين عملية إلزامية تنفيذا لقوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣] .