وبالجملة لا أرى في هذا القياس وصفا جامعا ولا علة مشتركة بين المقيس والمقيس عليه.
القول الثاني:
يرى أصحابه اعتبار (أسهم الاستفادة) مثل (أسهم الاتجار) وإخراج ربع العشر من قيمتها السوقية، بناء- في رأيهم- على أن أصحاب هذه الأسهم يدخر أغلبهم نية بيعها إذا ارتفعت أسعارها، وبناء أيضا على أن هذا هو الأحوط في الدين والإحسان للفقراء.
قلت: لا أرى هذا تكييفا للمسألة، بقدر ما هو لجوء إلى رفع الإشكال بمثله، ألا يفضي هذا إلى جعل القسمين من أسهم الشركات قسما واحدا؟ وهو أسهم الاتجار لا غير، كما يفض إلى إدخال الزكاة فيما لا زكاة فيه من العقارات وأراضي الإيجار، ولا أحب أن أزيد من بيان غرابة هذا القول.
القول الثالث:
يرى أصحاب هذا القول أنه يجب على أصحاب هذه الأسهم تزكية ثمنها عند بيعها فور قبضه من غير حولان الحول عليها، كبضاعة التاجر المحتكر عند الإمام مالك، ولأن ما تمثله من قيم مالية لا يقل عما تمثله الديون غير المرجوة.
قلت: الذي يقوم مقام الحول في العروض المحتكرة (المخزونة) هو النض، أي بداية بيع العروض بالمال، وإنهاء عملية الخزن بالنسبة لتلك البضاعة.
وتبقى عروض المحتكر ما بقيت تحت الخزن، لا تجب فيها الزكاة، للقاعدة المطبقة في الزكاة وهي أنه لا زكاة فيما لا نماء فيه مثل عروض القنية، فهي للاستعمال والاستهلاك، وكلاهما للنقص وليس للنماء.
ولا شبه للأموال الراجعة للأسهم بعروض المحتكر، لأن أموال الأسهم لم تجمد ولم تعطل بالاحتكار والخزن.
فالقول بتزكية ثمن الأسهم عند بيعها فور قبض الثمن قياسا على زكاة عروض المحتكر عند مالك (رحمه الله) ليس قياسا ولا تشبيها، لانعدام وجه الشبه.
والقول بأن ما تمثله الأسهم من قيم مالية لا يقل عما تمثله الديون غير المرجوة أو الظنونة أو الضمار هو تشبيه الموثوق بالمشكوك، لإلباس الموثوق حكم المشكوك، وهذا غير جائز.