للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تم ما ذكرنا وجاء دور إخراج الزكاة ننظر هنا فقط- وليس قبل الآن- إلى نفقات السقي، فإن كانت ثقيلة وذات بال كما هو الشأن في الزراعات السقوية، يكون الواجب إخراجه: نصف العشر (٥ %) ، وإن كان غير ذلك، فالواجب هو العشر (١٠ %) .

هذا إذا كان الإخراج من عين المحصول، ورفع النفقات والدين كذلك.

أما القيمة: سواء في إخراج الواجب بعنوان الزكاة أو في حسم ما أجمله من المؤن والنفقات والديون، فقد أفتى بها الفقهاء قديما وحديثا:

قال سحنون في مسألة (ما أخذ الساعي في قيمة زكاة الماشية) قال: أو سمعت مالكا قال في رجل أجبر قوما- وكان ساعيا- على أن يأخذ منهم دراهم فيما وجب عليهم من صدقتهم؛ (فقال) : أرجو أن تجزئ عنهم، إذا كان فيها وفاء لقيمة ما وجب عليهم، وكانت عند محلها، وإنما أجزأ ذلك لأن الليث بن سعد ذكره عن يحيى بن سعيد، أنه كان يقول: مِنَ الناس من يكره اشتراء صدقة ماله، ومنهم من لا يرى به بأسا (قال سحنون: فكيف بمن أكره؟!) (١) .

وفي البخاري: قال طاوس: قال معاذ - رضي الله عنه- لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس (٢) . في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة (٣) .

ومن الفتاوى المعاصرة ما أجاب به شيخ الإسلام محمد الطاهر بن عاشور التونسي عن سؤال ورد عليه ومفاده:

هل يجزئ إخراج الدراهم نقدا عن المقدار الواجب في زكاة الحبوب؟ فأجاب (رحمه الله) :

إن الأصل هو أن تدفع الزكاة من عين ما وجبت فيه، لكن إذا المزكي دفع القيمة، كما هو واقع في دفع العشر عندنا بتونس، فذلك مجزئ، كما في (المدونة) .

على أن ابن القاسم روى عنه صاحباه: أبو زيد بن أبي الغمر، وعيسى بن دينار أنه يجزئ إخراج الثمن نقدا بدلا عن الحبوب والأنعام، دون العكس، ولو بدون جبر، إلا أنه رآه مكروها.

وفي هذه الرواية توسعة على الناس اليوم (٤) .


(١) (المدونة الكبرى: ١/ ٢٨٢-٢٨٣)
(٢) (العرض: ما سوى العين. الخميصة: كساء أسود مربع له علمان، فإن لم يكن معلما فليس خميصة (كما جاء به لسان العرب) ، وإن لم يكن من خز وصوف فليس خميصة كذلك (كما جاء في المصباح المنير) ؛ واللبيس: الثوب يلبس كثيرا)
(٣) (انظر: كتاب الزكاة، باب (٣٣) الغرض في الزكاة، الأموال، ص ٣٨٧، برقم (١١٩٩))
(٤) (مجلة: الهداية، سنة ٣، عدد (١) ، ص ٢٠، تونس: رمضان سنة ١٣٩٥ هـ/ أكتوبر ١٩٧٥ م)

<<  <  ج: ص:  >  >>