للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولخص ابن رشد - رحمه الله تعالى- رأي المذاهب في المسألة، وعقَّبَ على ذلك بذكر ما يراه الأقرب والأشبه بمقصد الشرع وغرضه في الموضوع فقال:

(وأما المالكون الذين عليهم الديون التي تستغرق أموالهم، أو تستغرق ما يجب فيه الزكاة من أموالهم، وبأيديهم أموال تجب فيها الزكاة، فإنهم اختلفوا في ذلك:

فقال قوم: لا زكاة في المال حبا كان أو غيره، حتى تخرج منه الديون ... وبه قال الثوري، وأبو ثور، وابن المبارك، وجماعة.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: الدين لا يمنع زكاة الحبوب، ويمنع سواها.

وقال مالك: الدين يمنع زكاة الناض فقط، إلا أن يكون له عروض فيها وفاء من دينه، فإنه لا يمنع.

وقال قوم بمقابل القول الأول وهو: أن الدين لا يمنع الزكاة أصلا.

وسبب اختلافهم: هل الزكاة عبادة أو حق مرتب في المال للمساكين؟

من قال: حق للمساكين، قال: حق صاحب الدين مقدم لأنه الأسبق.

ومن قال: عبادة فيها حق الله، قال: هو المقدم على حق العباد، وحينئذ لا يمنع الدين الزكاة، وحق الله أحق أن يقضى) .

ثم قال ابن رشد: (والأشبه بغرض الشرع: إسقاط الزكاة عن المدين لقوله صلى الله عليه وسلم: ((صدقة تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم)) (أخرجه الشيخان وغيرهما) والمدين ليس بغني) .

ويضيف ابن رشد (رحمه الله) : (وأما من فرق بين الحبوب وغير الحبوب وبين الناض وغير الناض، فلا أعلم له شبهة بينة) (١) .


(١) (بداية المجتهد: ١/ ٣٣٦- ٣٦٧، ط. دار الكتب العلمية- بيروت سنة ١٤٢٠هـ / ٢٠٠٠م)

<<  <  ج: ص:  >  >>