للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وخالف الصاحبان إمامهما: فجعلا ما على المزكي من دين في كل ما تجب الزكاة، ونسب هذا القول لغيث بن سعد وسفيان الثوري، وخالف زفر إذ قال: لا يجعل دين الزرع إلا في الزرع، والماشية إلا في الماشية، والعين إلا في العين. حكى ذلك ابن حزم) (١) .

قلت: ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يدعو إلى التوقف، إذ كيف لا يمنع الدين زكاة الزرع والثمار، بعلة: أن السعاة لا يسألون المزكي هل عليه دين؟ ويمنع الدين عنده زكاة الماشية مع قيام نفس العلة فيها.

في المذهب الشافعي:

يرى الإمام الشافعي أن المقدار المخرج في الزكاة هو مال مستحق للغير، لا يجوز لمن تحت يده هذا المال التصرف فيه، مثل قضاء دينه منه، لذا نجده يقول: (إذا أوجب- عز وجل- عليه الزكاة في ماله، فقد أخرج الزكاة من ماله إلى من جعلها له، فلا يجوز عندي- والله أعلم- إلا أن يكون كَمَالٍ كان في يده، فاستحق بعضه، فيعطي الذي استحقه ويقضي دينه من شيء إن بقي له ... (ويضيف- رحمه الله-) : وهكذا هذا في الذهب والوَرِق والزرع والثمرة والماشية كلها، ولا يجوز أن يخالف بينها بحال، لأن كلا مما قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في كله إذا بلغ ما وصف صلى الله عليه وسلم الصدقة) (٢) .

وفصَّل الإمام أبو إسحاق الشيرازي مذهب الإمام الشافعي فقال: ( ... إن كان له ماشية أو غيرها من أموال الزكاة، وعليه دين يستغرقه أو ينقص المال على النصاب ففيه قولان:

قال في القديم: لا تجب الزكاة فيه، لأن ملكه غير مستقر، ولأنه ربما أخذه الحاكم بحق الغرماء فيه.

وقال في الجديد: تجب فيه الزكاة، لأن الزكاة تتعلق بالعين، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع أحدهما الآخر) كالدين وأرش الجناية) (٣) .


(١) (المحلى: ٦/ ١٠٢، برقم (٦٩٥))
(٢) (كتاب الأم: ٢/ ٥٤، ط. دار الفكر- بيروت سنة ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م)
(٣) (المهذب: ١ / ١٤٩، ط. دار المعرفة- بيروت سنة ١٣٧٩ هـ/ ١٩٥٩ م)

<<  <  ج: ص:  >  >>