للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- روى أبو عبيد عن جابر بن زيد قال: (في الرجل يستدين فينفق على أهله وأرضه؟ قال: قال ابن عباس: (يقضي ما أنفق على أرضه وقال ابن عمر: يقضي ما أنفق على أرضه وأهله) (١) .

ونظيره ما رواه ابن قدامة عن الإمام أحمد حيث قال: (من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله، لأنه من مؤنة الزرع، وبهذا قال ابن عباس، وقال عبد الله بن عمر: يحتسب بالدينين جميعا ثم يخرج مما بعدهما) (٢) .

أقول: إن سكوت ابن عباس - رضي الله عنه- عن حكم الدين ينفقه المدين على الأهل، قد لا يكون من باب المخالفة في الحكم في نفقة المدين على الأهل لما يراه ابن عمر، بل هو من باب الوقوف عند ذكر ما به الحاجة، أو من باب التوقف في الحكم لا المخالفة فيه.

وعند الإمام الخطابي - رضي الله عنه- قد يستدل من لا يرى على المديون زكاة بقوله صلى الله عليه وسلم لـ معاذ لما بعثه إلى اليمن: (( ... فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ... )) (٣) . وذلك إذا لم يفضل بعد حسم الدين قدر نصاب، لأنه ليس بغني، إذ إخراج ماله مستحق للغرماء (٤) .

قلت: وما ذهب إليه الخطابي من اعتبار مال الدين مستحق للغرماء، مخالف لمن يرون تقديم إخراج الواجب في الزكاة لأنه حق لله تعالى، على قضاء الدين الذي هو حق للعباد.

وكأن قضاء المدين دينه ليس فيه امتثال لأمر الله ووفاء بحقه على عباده فيما يأمرهم به، وقد أمرهم تعالى فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا} [المائدة: ١] .


(١) (الأموال، ص ٤٥٣، برقم (١٥٤٤)) )
(٢) (المغنى: ٢ / ٧٢٧)
(٣) (هو طرف من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، رواه الجماعة)
(٤) (الشوكاني؛ نيل الأوطار: ٤ / ١٧١، ط. دار الجيل- بيروت ١٩٧٣ م)

<<  <  ج: ص:  >  >>