للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يقترضه المزارع للأنفاق:

إذا أنفق المزارع من اقتراض دعت إليه حاجته، وكان دينا صحيحا (كما هو الشأن في التعامل مع المؤسسات الحكومية والتعاونية أو مع المصارف المالية) فهل يجوز له أن يحسم ما عليه من دين من المحصول قبل الزكاة؟

الرأي المعتمد:

الذي يدعمه المنقول والمعقول- وإن خالفه العديد- هو ما نقله أبو عبيد عن ابن عمر، وطاوس، وعطاء، ومكحول، إذ قال: (إذا كان الدين صحيحا، قد علم أنه على رب الأرض فإنه لا صدقة عليه فيها، ولكنها تسقط عنه لدينه، كما قال ابن عمر، وطاوس، وعطاء ومكحول، ومع قولهم أيضا أنه موافق لاتباع السنة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سن أن تؤخذ الصدقة من الأغنياء فترد في الفقراء؟ وهذا الذي عليه دين يحيط بماله ولا مال له، هو من أهل الصدقة، فكيف تؤخذ منه الصدقة وهو من أهلها؟ أم كيف يجوز أن يكون غنيا فقيرا في حال واحدة؟ ومع هذا إنه من الغارمين: أحد الأصناف الثمانية، فقد استوجبها من جهتين) (١) .

وعلى هذا درج ابن قدامة حيث قال: (والرواية الثانية: لا تجب الزكاة فيها، ويمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال كلها من الظاهرة والباطنة. ثم قال:.. لأن المدين محتاج، والصدقة إنما تجب على الأغنياء لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صدقة إلا عن ظهر غنى)) ) (٢) .

والظاهر أن الحكم يعم الدين سواء أنفقه على الزرع أو على الأهل؛ لأن المانع للزكاة والرافع لصفة الغنى هو مطلق الدين، لا خصوص الدين الذي ينفقه المدين على المزروعات، دون ما ينفقه على الأهل.


(١) (الأموال، ص ٤٥٤- ٤٥٥، برقم (١٥٥٢))
(٢) (المغني:٢ /٦٨٧.)

<<  <  ج: ص:  >  >>