للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

***

الفرق بين ما ينفقه المزارع من ماله وما يقترضه للإنفاق

ما ينفقه المزكي من ماله:

قد ينفق المزارع من ماله إذا كان ميسور الحال، ولا يحتاج إلى اقتراض، وليس الأمر كذلك في أغلب الأحوال.

وقد أسلفنا الحديث على ما ينفقه هذا المزارع، وما جاء من أقوال في مختلف المذاهب التي حددت ما رأته من أحكام في مسألة (حسم نفقات الزراعة من المحصول قبل إخراج الزكاة) ، وقد رجحنا هنالك ما بدا لنا أنه أوفق الأقوال لحاجة العصر وأكثرها استجابة لما يتطلبه وضع المزارعين من عون وتيسير وتشجيح على المواصلة، وهو قول الإمام عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه ومن معه من مشاهير العلماء أمثال: الحسن وسليمان بن يسار، وميمون بن مهران، والنخعي، والليث، والثوري، وإسحاق، كما عددهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١) .

ومذهب عطاء هذا القائل: برفع النفقات من المحصول- بإطلاق- ثم إخراج الزكاة من الباقي إن بقي نصاب، وإلا فلا؛ هو الذي ارتضاه القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله، ووصفه بأنه الصحيح حين قال: (اختلف قول علمائنا: هل تحط المؤنة من المال المزكى وحينئذ تجب الزكاة؟ أو تكون مؤنة المال وخدمته حتى يصير حاصلا في حصة رب المال، وتؤخذ الزكاة من الرأس؟ والصحيح: أنها محسوبة، وأن الباقي هو الذي يؤخذ عشره) (٢) .

وكان هذا المذهب لعطاء والفقهاء الذين معه، والذي صححه القاضي ابن العربي هو ما رجحه الفقهاء المعاصرون في أحد مجامعهم العلمية (٣) .


(١) (مجموع الفتاوى، ص٢٥، ٢٧ ط. مكتبة المعارف- الرباط- المغرب)
(٢) (عارضة الأحوذي: ٣/ ١٤٣)
(٣) (بلغنا ذلك مشافهة عن إحدى ندوات (البركة) ؛ وإننا نرجو أن ترسل منشوراتها إلى خبراء مجمع الفقه الإسلامي للإعلام والإفادة، والله الموفق)

<<  <  ج: ص:  >  >>