للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا..

شكرًا لإحالتي الكلمة، وأريد أن أعقب على ما جاء في كلمة سماحة الشيخ يوسف القرضاوي فيما ذهب إليه من حيث التأصيل ومن حيث التفريع. أما من حيث التأصيل فقد اعتمد العمومات في الشريعة وأسند رأيه إلى الإمام أبي بكر ابن العربي، والإمام أبو بكر بن العربي هو معلوم من كبار فقهاء المالكية وهو رجل يطلق كلامه بدون تدقيق، هو قوى الحجة يريد أن يلجيء خصمه، لو أخذنا بكلامه لقلنا له: يا إمامنا عليك أن تزكى حذاءك، عليك أن تزكى عمامتك، وعليك أن تزكى الدار التي تسكنها، وعليك أن تزكى الطعام الذي ادخرته لحياتك لكامل السنة، كل هذه أموال، في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ونعلم أن الشريعة الإسلامية من حيث الأصول بينت أشياء وسكتت عن أشياء موجودة في وقت التشريع، وما سكتت عنها إلا لأنها عفو، وقد كانت الدور تكرى، ومالك رضي الله عنه ما ملك دارًا كامل حياته وإنما يسكن في دار بالكراء، ومن أبواب الفقه عندنا أي المسلمين في كل المذاهب باب كراء الرواحل والسفن، فالرواحل والسفن كان يوجد في المسلمين من لهم نشاط في هذا النوع، فهي مشهورة معلومة عند جميع الفقهاء يشاهدونها، والذين يعتمد قولهم ما رأيت واحدًا منهم قال: إنه تجب الزكاة في هذه.

الأمر الثاني هو أننا بجانب شيئين: الأمر الأول الحق الواجب، والحق الواجب هو أمر خطير لأننا نجعل أن كل من لم يقم بهذا الواجب هو آثم مستحق لعقوبة ترك الزكاة، ولكن الإسلام لم يجعل الحد الأدنى هذا هو الحق الوحيد في أموال الناس ولكن الأثرياء عندهم حق واجب وهو الأدنى، وهو ما ورد فيه النص وما زاد على ذلك هم مطالبون فيه بالصدقات وبغيرها من أبواب البر المعروفة في الإسلام.

الأمر الثاني أو الثالث الذي أريد أن ألاحظه هو أنه يكفينا الاتهامات الواردة على هذه القلعة الفقهية من غير الفقهاء فلا نسمح للفقهاء أن يزيدوا ضغثًا على إبالة، ونسمع بالفقه التقليدي. فما أظن أن هناك فقهًا تقليديًا وفقهًا تجديديًا وإنما هناك فقه إسلامي كله نتيجة النظر، فلا يتهم بعضنا بعضًا بالألقاب التي تؤثر بالنسبة للعامة ولا تؤثر على العلماء. فإن هذا مفهوم الزكاة في المستغلات هو أمر مضطرب لأن السفن استهلاكها في أمد، وهناك من يكري السيارات واستهلاك السيارة هو لا يتجاوز بالنسبة للسيارة المكتراة أكثر من ثلاث سنوات على أكثر تقدير، وهناك دور العمارات وتستمر ثلاثين سنة، فهذه المستغلات هي مستغلات لا تدخل تحت قاعدة من القواعد التي نستطيع أن نضبطها بها. وبناء على ذلك كله فأنا أؤكد أن ما ذهب إليه المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية هو الصواب، وما زاد على ذلك لا يزيد على دعوة إلى أثرياء المسلمين ليساهموا في المشاريع العامة، وما وقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة على إخراج الزكاة ولكنهم تجاوزوا ذلك إلى إعطاء ثلث ونصف مالهم وأكثر من ذلك. وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>