للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: أن هذه المستغلات كانت موجودة من قبل فكانوا يؤجرون الدور والدواب والحمامات وغير ذلك، فالمستغلات كانت موجودة فعلًا، وما قال عالم بأن نقيس هذا على الزروع وإنما كانوا ينظرون إلى الأموال هذه على أنها تزكى زكاة نقود، كيف كانت تزكى، القائلون بأنها تزكى في الحال وهم قلة، وهناك من قال تزكى بعد حولان الحول أو تضم إلى الأموال الأخرى.

الأمر الثاني: أننا هنا نقيس في العبادات والقياس في العبادات قد يكون غير جائز لأننا إذا جئنا للقياس في العبادات على إطلاقه فإننا سنقع في أشياء محظورة، فعلى سبيل المثال إذا قلنا القياس المطلق أو العلة المطلقة، كيف مثلًا أن صاحب أربعين شاة يخرج شاة وصاحب مائة وعشرين شاة يخرج شاة! قلنا هنا بعلة مطلقة وهذا غنى وهذا فقير وصاحب تسع وثلاثين شاة لا يخرج شيئًا! إذن هنا القياس في العبادات لأن العبادات أصلًا أن الإنسان يعبد الله سبحانه وتعالى وهو طائع إن لم يستطع أن يصل إلى الحكمة ثم لو فرضنا أن هنا الجانب المالي في الزكاة كما تفضل الدكتور، الجانب المالي قد يجعلنا نأخذ بشيء من القياس، أقول هنا أيضًا بأن القياس مع الفارق، فارق فيماذا؟ المستغل ليس كالأرض لأن المستغل يمكن الطائرة تحترق، والسفينة تغرق، والعمارة تنهدم، إنما الأرض من طبيعتها البقاء، طبيعة الأرض تختلف عن طبيعة المستغلات هذه ناحية، ناحية أخرى، أن المستغل قد يكون قائمًا وصالحًا ومع ذلك لا يستخدم، لماذا؟ لأنه ظهر ما هو أحسن منه، آلة معينة، ثم الاختراعات الحديثة وصلت إلى مرحلة، اعتبرت هذه الآلة مرحلة متخلفة جدًا، فأصبحت لا تستخدم، فكأن ثمن هذا المستغل يعتبر ضاع. إذن نقيس المستغل على الأرض فيه فارق. الأمر الآخر ما تنتجه الأرض وما تنتجه المستغلات: ما تنتجه الأرض، إذا خرج منها وزكيته، فكما يقول الإمام الشافعي: وبقى عندي دهره فلا أزكيه مرة أخرى، أما المستغل ما يخرج منه وبقى عندى دهري ففي كل عام أزكيه، إذن هنا المستغلات زكاة الغلة التي تخرج منها عندما نزكيها هذا العام وتبقى عندنا أيضًا تتزكى في العام التالي وهكذا، أما ما يخرج من الأرض فإننا نزكيه عندما يخرج ما لم يتحول إلى تجارة، وما بينه الإمام الشافعي في رسالته الأصولية عندما أخذ يبين الفرق بين الزرع والذهب والفضة، إذن هنا القياس يكون مع فوارق كثيرة، لذلك أرى أن القياس هنا غير دقيق. أما أن نأخذ برأي أن فيها زكاة أم لا، ونزكى في الحال أم لا؟ هذا رأي أرى أن تبحثوه وأن تنتهوا فيه إلى ما يرضى الله إن شاء الله، ولكن المقدار أن نقيس على الزرع هذا هو ما أرى أنه بعيد. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>