للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ذكره الإمام السرخسي في معرض حديثه عن التحري: (وشيء من المعقول يدل عليه، فإن الاجتهاد في الأحكام الشرعية جائز للعمل به، وذلك عمل بغالب الرأي، ثم جعل- مدركا من مدارك أحكام الشرع، وإن كان لا يثبت به ابتداء، فكذلك التحري مدرك من مدارك التوصل إلى أداء العبادات، وإن كانت العبادة لا تثبت به ابتداء، والدليل عليه أمر الحروب، فإنه يجوز العمل فيها بغالب الرأي مع ما فيها من تعريض النفس المحترمة للهلاك) (١) .

ومن قواعد الفقهاء أن: (الميسور لا يسقط بالمعسور) - أي بسقوط المعسور عنه- (٢) .

- وقد نص عليها الإمام الجويني بقوله: (إن المقدور عليه لا يسقط بسقوط المعجوز عنه، وإنها من الأصول الشائعة التي لا تكاد تنسى ما أقيمت أصول الشريعة) (٣) .

وذكرها تلميذه الإمام الغزالي بقوله: (المقدور لا يسقط المعسور) (٤) .

وبناء على ذلك أمكن للمكلف إعمال التحري في معرفة الواجب في ذمته عند عدم القدرة على تحديده بالتيقن، وبرأت ذمته باداء المطلوب بالتقدير والتحري. وهذا ما يؤيده أصل آخر وهو أن: (التكليف يثبت بحسب الوسع) (٥) .

هذا؛ وأما الرأي القائل بأنه يجب على أصحاب هذه الأسهم تزكية ثمنها عند بيعها فور قبضه من غير حولان الحول عليها كبضاعة التاجر المحتكر عند الإمام مالك، ولأن ما تمثله من قيم مالية لا يقل عما تمثله الديون غير المرجوة. فقبل أن ينظر في هذا الرأي ومدى ملاءمته مع القضية المطروحة ينبغي أن يشار إلى كلام المالكية في التقسيم الذي تفردوا به في حكم زكاة التجارة، بحيث فرقوا بين التاجر المدير والمحتكر.


(١) المبسوط: ١٠/ ١٨٦
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي، ص ١٥٩
(٣) الغياثي، تحقيق: د. عبد العظيم الديب، ط: قطر، الشؤون الدينية، ص ٤٦٩
(٤) الوسيط في المذهب: ٢/ ٣٦١، ط: القاهرة، دار السلام
(٥) المبسوط: ١٠/ ١٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>