للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رشد الجد: (والتاجر ينقسم على قسمين: مدير وغير مدير، فالمدير هو الذي يكثر بيعه وشراؤه ولا يقدر أن يضبط أحواله، فهذا يجعل لنفسه شهرا من السنة، يقوم فيه ما عنده من العروض ويحصي ما له من الديون التي يرتجي قبضها فيزكي ذلك مع ما عنده من الناض. وأما غير المدير وهو المحتكر الذي يشتري السلع ويتربص بها النفاق، فهذا لا زكاة عليه فيما اشترى من السلع حتى يبيعها وإن أقامت عنده أحوالا) (١) . وقال القاضي عبد الوهاب: (إذا ابتاع العرض وهو غير مدير يتربص بها النفاق والأسواق، لم يلزمه أن يزكيها كل سنة) (٢) .

وفي الواقع إن هذا التقسيم مبني على أن صفة النماء في حالة التربص والاحتكار حسب تعبير المالكية تعتبر مفقودة، ولذا لا تجب الزكاة فيها إلا عند بيع السلعة.

ويرد على هذا الرأي أن الذهب والفضة والنقود وما في حكمها لا ينظر فيها إلا صفة النداء الحكمي عند جمهور الفقهاء، ولذا نجد من أئمة المالكية الإمام ابن عبد البر يعلق على هذا الرأي بقوله: (وليس لهذا المذهب في النظر كبير حظ) (٣) .

ثم يتضح بجلاء بالنظر إلى أساليب التجارة في الشركات المساهمة أنها بمثابة تاجر مدير وليست كتاجر محتكر متربص، فإنها لا تحتكر البضائع وليست عندها مخازن في الغالب، بل إنها تباع بصورة ناجزة وإنما يكون الثمن مقسطا إلى آجال محددة.


(١) المقدمات: ١/ ٢٨٥
(٢) الإشراف على نكت مسائل الخلاف: ١ / ٤٠٣، تحقيق: الحبيب بن طاهر، ط: بيروت، دار ابن حزم
(٣) الاستذكار: ٩ /٩٧- ٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>