للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك في مسألة التحري، فهنا في مسألة القلادة اتجه أحد الأقوال إلى، إعمال التحري، وهو أن يتحرى ما فيها من مقدار الذهب أو الفضة، كما يقدر ما فيها من الأحجار الكريمة، فيأخذ كل من النوعين حكمه حسب رأي المذهب فيه. وهكذا بناء على التحري يمكن أن يقوم، مالك الأسهم بتقدير ما يخصها من الزكاة، وتبرأ ذمته بأداء الزكاة الواجبة في حصته المقدرة. ويبدو أن هذا هو الأحرى بالأخذ، لكونه أكثر انسجاما مع قاعدة العدل في التشريع الإسلامي.

يقول الإمام ابن تيمية: (يجب تحري العدل بحسب الإمكان) (١) . و (التحري لغة: هو الطلب والابتغاء ... ، وفي الشريعة: عبارة عن طلب الشيء بغالب الرأي عند تعذر الوقوف على حقيقته ... ، وهو دليل يتوصل به إلى طرف العلم، وإن كان لا يتوصل به إلى ما يوجب حقيقة العلم) (٢) .

وقد صاغ الإمام الكاساني قاعدة جيدة في التحري ونصها: (التحري يقوم مقام الدليل الشرعي عند انعدام الأدلة) (٣)

وهذا ما عبر عنه السرخسي بقوله: (فإن أوان التحري ما بعد انقطاع الأدلة) (٤) . والتحري سائغ في الأقوال والأفعال، كما ذكر العلامة البعلي الحنبلي عن الإمام ابن الجوزي (٥) .

ومما يدل على الاحتجاج بالتحري في مواضع الضرورة: قوله تعالى: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] ، وذلك بالتحري وغالب الرأي، فقد أطلق عليه العلم، كما قال الإمام السرخسي (٦) .


(١) مجموع الفتاوى: ٢٥/ ٧٨
(٢) المبسوط: ١٠/ ١٨٥، كتاب التحري
(٣) بدائع الصنائع: ١/ ٣٧٢
(٤) المبسوط: ١٠ / ١٩٥
(٥) القواعد والفوائد الأصولية، ص ٧
(٦) المبسوط: ١٠ / ١٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>