للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهر بعد تأمل النص المذكور أن المسألة الواردة فيه على الرغم من اختلاف محتواها يمكن أن تتسق من بعض الوجوه مع المسألة التي نحن بصددها، فتصلح نظيرا، فيلاحظ عند أول وهلة أن وعاء الزكاة قد يتكون من مالين بحيث يسهل إعطاء كل واحد منهما حكمه حسب مقتضاه، كما في تصوير المسألة فيما لو أمكن فصل الأحجار الكريمة من الذهب أو الفضة، وهذا ما يقال في الأسهم التي أمكن فيها معرفة موجداتها الزكوية.

أما في الصورة التي يصعب فيها نزع الجواهر من الذهب أو الفضة، بحيث يؤدي ذلك إلى فساد في القلادة، فظهرت ثلاثة أقوال عند المالكية. كذلك في حالة عدم التمكن من معرفة مقدار الموجودات الزكوية في الأسهم، أسفر البحث والنقاش عن ثلاثة أقوال.

ومما لا شك فيه أن مناط الحكم في كلتا المسألتين يكاد يكون واحدا، وهو تعذر الوقوف على مقدار جميع الموجودات الزكوية في كثير من الحالات، وبالتالي عدم تمكن المساهم المزكي من معرفة مقدار الحصة التي تجب فيها الزكاة، كما يتعذر الوقوف على مقدار كل من المجوهرات والمعدن النفيس في العقد المنتظم بكل منهما بدون فساد فيه، وهذا ما تطلب الاجتهاد عند المالكية قديما.

وإذا حاولنا تطبيق الاجتهاد المشار إليه في النص المنقول على مسألة الأسهم، أمكن القول بأن الطابع التجاري هو الغالب في هذه الأسهم المقتناة بغرض الحصول على نمائها، لأن الذي اقتناها ورصدها إنما يترقب تقلبات السوق غالبا فيتاجر فيها، ويظل مساهما فيها إلى حين تصفية الشركة، فيغلب عليها حكم العروض التجارية، وتأخذ حكم زكاتها. كما هو رأي بعض الفقهاء في مسألة القلادة، إذ رأى أن يعطى لها حكم العروض بتغليب حكم الجواهر التي فيها، فتزكى زكاة العروض، وذلك لأن الأصل في الجواهر في حالة انفرادها أن تكون عرضة للبيع لا للتحلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>