بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله
هناك في الوقف أصل متفق عليه بين الفقهاء؛ وهو عدم جواز تفويت عين الوقف واحترام ألفاظ الواقف وشروطه، ولكن هناك من الباحثين من يحاول أن يتجاوز هذا الأصل، بحجة أن الشريعة مبتنية على المصالح ودرء المفاسد، وقد غفل عن أن معنى ابتناء الشريعة على المصالح ودرء المفاسد أن الشارع المقدس لا يشرع حكما على نحو الوجوب أو الاستحباب إلا أن تكون في الفعل مصلحة للعباد، واضحة هذه المصلحة أو مستترة، ولا يشرع حكما على نحو التحريم والكراهة إلا وأن تكون في الفعل مفسدة للعباد، فليست أحكام الله بلا غرض ولا غاية، وهذا لا ربط له بالتجاوز على صيغة الوقف وألفاظ الواقف وشروطه، ولا يجوز تفويت عين الوقف التي فيها دليل صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقف الأصل وتسبيل المنفعة، لأن تلك القاعدة التي ذكروها يتكلم فيها عن مصلحة تشاريع الله سبحانه وتعالى إذا كانت وجوبا أو استحبابا، ويتكلم فيها عن مفسدة الأفعال التي ينهى عنها الشارع، فهي قاعدة لتوضيح ملاكات أحكام الشارع، وليس له ربط بألفاظ الواقف أو نيته والمصلحة التي يتوخاها من الوقف، هذا شيء لا بد من الانتباه إليه، إذا اتبعنا المصلحة التي يتوخاها الواقف حسب فهمنا فسوف يكون عندنا فقه جديد بعيدا عن الدليل، لأننا نتجاوز صيغة الوقف التي أوقفها الواقف وذكر لها شروطا معينة.