من أين نعرف قصد الواقف الذي نريد أن نتصرف في الوقف حسب مصلحة قصده؟ وهل نحن مسئولون شرعا عن نص الواقف؟ أو مسئولون عن قصده الذي نتصوره نحن ونستنبطه؟ ثم ألا يمكن القول بأن الألفاظ التي تكلم بها الواقف هي الكاشفة عن قصده فنلتزم بها ولا نتجاوزها؟ إذا كان هناك غرض للواقف لم تكشف عنه الألفاظ كما يزعم، فما هو الضابط له؟ قد يقال: إن غرض الواقف يكون الموقوف عينا خاصة لا يريد أن تتغير، وقد يقال: إن غرض الواقف بكون منفعة الوقف مقدارا معينا دون تعلق غرض بالعين، وقد يقال: إن غرض الواقف خصوص الانتفاع بثمرة الوقف كما لو وقف بستانا لينتفع بثمرته، حتى لو عرفنا الضابط لقصد الواقف فما هو الدليل على وجوب ملاحظة مقصود الواقف وغرضه إذا كان مخالفا للصيغة التي أوجدها هو باختياره؟ ألا يكون اتباع مقصود الواقف هنا خارجا عن قاعدة: الوقوف حسب ما يوقفها أهلها، أو قاعدة: لا يجوز بيع الوقف، أو قاعدة: لا تدخل غلة الوقف في ملكك؟
إذن الوقف إذا كان موجودا بشخصه لا يلاحظ فيه إلا مدلول كلام الواقف.
نعم إذا وجدنا دليلا شرعيا على جواز بيع الوقف كنص من السنة فهو الدليل على جواز البيع والإبدال والاستبدال، ويأتي هنا بعد هذا الدليل على جواز الاستبدال، يأتي الكلام عن وجوب اتباع مصلحة الموقوف عليهم لا نص الواقف، بعد وجود الدليل على جواز الإبدال والاستبدال هنا يأتي البحث في اتباع مصلحة الواقف وعدم اتباع وقفيته، لأن عدم تبديل الوقف حكم شرعي كان للصيغة التي أوجدها الواقف، فإن وجدنا دليلا على جواز الإبدال حينئذ هذا بدل الوقف وليس وقفا. إذن يجوز أن نلاحظ مصلحة الواقف فيما بعد وجود الدليل على جواز الإبدال والاستبدال. وقد كتبت أدلة جواز بيع الوقف واستبداله التي دلت عليها النصوص الشرعية، إلا أن البحث لم يوزع عليكم.