للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الحكر، أو حق القرار:

الحكر - بكسر الحاء وسكون الكاف - العقار المحبوس، وجمعه أحكار، وبفتحهما: كل ما احتكر (١) .

وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على ثلاثة معان:

١- العقار المحتكر نفسه، فيقال: هذا حكر فلان.

٢- الإجارة الطويلة على العقار.

٣- الأجرة المقررة على عقار محبوس في الإجارة الطويلة ونحوها (٢) ، قال الشيخ عليش: "من استولى على الخلو يكون عليه لجهة الوقف يسمى عندنا بمصر حكرا لئلا يهذب الوقف باطلاً" (٣) .

والحكر في باب الوقف وسيلة اهتدى إليها الفقهاء لعلاج مشكلة تتعلق بالأراضي والعقارات الموقوفة التي لا تستطيع إدارة الوقف (أو الناظر) أن تقوم بالبناء عليها، أو زراعتها، أو أنها مبنية لكن ريعها قليل إذا قسنا بحالة هدم بنيانها، ثم البناء عليها، ففي هذه الحالة أجاز الفقهاء الحكر، وحق القرار وهو عقد يتم بمقتضاه إجارة أرض للمحتكر لمدة طويلة، وإعطاؤه حق القرار فيها ليبني، أو يغرس مع إعطائه حق الاستمرار فيها ما دام يدفع أجرة المثل بالنسبة للأرض التي تسلمها دون ملاحظة البناء والغراس (٤) .

وهذا النوع قريب من الإجارة بأجرتين التي ذكرناها من حيث طول المدة، ومن حيث تسلم نوعين من الأجرة: أجرة كبيرة معجلة قريبة من قيمة الأرض، وأجرة ضئيلة سنوية أو شهرية، لكنه مختلف عنها من حيث إن البناء والغراس في الحكر ملك للمحتكر (المستأجر) لأنه أنشأهما بماله الخاص، وفي الإجارة بأجرتين ملك للوقف؛ لأن إدارة الوقف (أو الناظر) قد صرفت الأجرة الكبيرة المقدمة في التعمير، والبناء أو الغراس.

ويسميه بعض الفقهاء بالاحتكار، والاستحكار، والإحكار، قال ابن عابدين: "الاحتكار إجارة يقصد بها منع الغير، واستبقاء الانتفاع بالأرض" (٥) ، وفي الفتاوى الخيرية: "الاستحكار عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض للبناء، أو الغرس أو لأحدهما، ويكون في الدار والحانوت أيضاً " (٦) .

ويسميه المالكية خلواً في حين أن الخلو عند الحنفية وغيرهم ممن قالوا به أعم من الحكر، لأنه يكون في كل إجارة اكتتب المستأجر من خلال أعماله وتجارته وشهرته، أو أهمية الموقع حقًّا خاصًّا به، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الرابعة عام ١٤٠٨هـ أجاز في بدل الخلو بشروط وضوابط (٧) .


(١) المعجم الوسيط؛ ولسان العرب؛ وتاج العروس: مادة (حكر) .
(٢) يراجع في موضوع الحكر: الفتاوى الهندية: ٢ / ٤٢٠؛ وحاشية ابن عابدين: ٣ / ٣٩٨؛ وفتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك، ط مصطفى الحلبي: ٢ / ٢٤٣؛ والشرح الصغير: ٤/١٢٧؛ وشرح الخرشي: ٧ / ٧٨، ١٠٠؛ وتحفة المحتاج: ٦ / ١٧٢؛ والفتاوى الكبرى لابن حجر الهيثمي: ٣ / ١٤٤؛ ومطالب أولي النهى: ٤ / ٣١٦؛ ومجموع الفتاوى لابن تيمية: ٣١/٢٢٤؛ والموسوعة الفقهية الكويتية: ١٨ / ٥٣.
(٣) فتح العلي المالك: ٢ / ٢٤٣.
(٤) د. خليفة بابكر الحسن، بحثه عن: (استثمار موارد الأوقاف) المقدم إلى الدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ص ٢١.
(٥) منحه الخالق على البحر الرائق، ط المطبعة العلمية، القاهرة: ٥ / ٢٢٠.
(٦) الفتاوى الخيرية: ١ / ١٩٧.
(٧) يراجع بحثنا: (الحقوق المعنوية) المنشور في أبحاث وأعمال الندوة السابقة لقضايا الزكاة المعاصرة في الفترة: ٢٢ - ٢٤/١/١٤١٧ هـ ص ٥٣٧ - ٥٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>