ابتكر الفقهاء هذه الطريقة لعلاج مشكلة حدثت للعقارات الموقوفة في إستانبول عام ١٠٢٠هـ عندما نشبت حرائق كبيرة التهمت معظم العقارات الوقفية أو شوهت مناظرها، ولم يكن لدى إدارة النظارة الوقفية أموال لتعمير تلك العقارات، فاقترح العلماء أن يتم عقد الإجارة تحت إشراف القاضي الشرعي على العقار المتدهور بأجرتين: أجرة كبيرة معجلة تقارب قيمته فيتسلمها الناظر ويعمر به العقار الموقوف، وأجرة سنوية مؤجلة ضئيلة يتجدد العقد كل سنة، ومن الطبيعي أن هذا العقد طويل الأجل يلاحظ فيه أن المستأجر يسترد كل مبالغه من خلال الزمن الطويل (١) .
فهذه الصيغة التمويلية تعالج مشكلة عدم جواز بيع العقار، فتحقق نفس الغرض المنشود من البيع من خلال الأجرة الكبيرة المعجلة، كما أنها تحقق منافع للمستأجر في البقاء فترة طويلة في العقار المؤجر سواء كان منزلاً أو دكاناً أو حانوتاً، أو نحو ذلك، كما أن وجود الأجرة يحمي العقار الموقوف من ادعاء المستأجر أنه قد تملكه بالشراء مثلاً، كما أن ما بني على هذه الأرض الموقوفة يظل ملكاً للوقف دون المستأجر.
(١) الشيخ الصديق أبو الحسن، بحثه: (مقتطفات من أحكام الوقف) ، منشور في ندوة الوقف الخيري لهيئة أبو ظبي الخيرية عام ١٩٩٥م، ص ٩٤؛ والشيخ كمال جعيط، بحثه عن: (استثمار موارد الأحباس) ، المقدم إلى الدورة الثانية عشرة، ص ٤٧.