أما الموارد التي يختلفان بها فيمكن تلخيصها بشكل نقاط:
١ - إن الإعلان الإسلامي يفصل - بحق - بين أصل الكرامة (أو الكرامة التي يحصل عليها الإنسان باعتبار انتمائه الإنساني فقط) والكرامة المكتسبة التي ينالها عبر سيره التكاملي المعنوي وعمله الصالح في خدمة الخلق. وهذه نقطة مهمة لم يدركها الإعلان العالمي، ولذلك نعتبره في هذا المجال ناقصًا جدًّا، فإن أي وجدان يدرك الفرق بين عالم كبير كابن سينا مثلًا وفرد عادي يعيش لنفسه دون أن يترك أثرًا في الحياة، وهذا الأمر نلحظه في الدستور الإسلامي، ويمتاز بقرنه الكرامة بالحرية المسؤولة أمام الله تعالى، وتأكيده على الإيمان والتقوى ومكافحة المفاسد الأخلاقية.
٢ - التركيز - في الإعلان الإسلامي - على كون الخلق عيال الله تعالى يوضح الأساس المفهومي الكامل لهذا التساوي في أصل الكرامة ولا يكتفي بالجانب الحقوقي البحت، بالإضافة إلى ربط الكرامة - بمجموعها - بالوجود الكريم المطلق، فالخلق كلهم عيال الله تعالى، ونسبته إليهم واحدة تمامًا، إلا أن بينهم تنافسًا في التقرب المعنوي إليه عبر البناء النفسي بالعقيدة الواقعية والعمل الصالح المؤثر في تحقيق مقتضى الخلافة، وهذا ما لاحظناه في الدستور الإسلامي إذ يؤكد عليه أيضًا.