أما الإعلان العالمي فهو يفتقد هذه المستوى من الفهم تمامًا.
٣ - ونفس هذا المفهوم نلحظه في المادة الثانية - من الإسلامي - فالحياة هبة الله - من حيث المفهوم - وبالتالي فقيمتها الحقوقية رفيعة جدًّا ويجب صيانتها وكفالتها بأقصى ما يمكن حتى يتحقق هدف هذه الهبة.
أما العالمي، فلا نجد فيه مثل هذا السمو، وإن كان يؤكد على أن للإنسان عقلًا ووجدانًا - وهي إشارة جيدة - إلا أنها تكاد تقف عند حقيقة واضحة دون أن تعبرها إلى مقتضياتها.
٤ - التركيز الإسلامي على حرمة إفناء الينبوع البشري إشارة حكيمة إلى الهبة الإلهية ولزوم استمرار هذا المدد الإلهي، في حين لم يشر الإعلان العالمي إلى هذا المعنى، ولا معنى للقول بأن هناك عمومًا في بعض المواد، فهو أمر مبهم لا أثر له في المجالات الحقوقية.
وينبغي أن نشير إلى عبارة (استمرار الحياة إلى ما شاء الله) ، فهي عبارة موحية بلزوم المحافظة على الحياة من قبل الجميع حتى صاحب الحياة نفسه، فتجب صيانتها ضد أي تهديد مهما كان، والحقيقة هي أن اهتمام النصوص الإسلامية بالحياة الإنسانية لا يبلغه أي مذهب أو فكرة عقائدية واجتماعية مطروحة في الساحة.
٥ - يضاف إلى ذلك مسألة الإشارة إلى حماية الجنين في المادة السابعة وهي غير موجودة في العالمي.
٦ - وبالتالي فإن هناك تركيزًا على حرمة الجنازة الإنسانية ولزوم عدم انتهاكها وحرمة تشريحها العشوائي، اللهم إلا أن يكون هناك مجوز شرعي، وهذا أمر يفتقده الإعلان العالمي.
٧ - تطرح المادة الثالثة مسألة خرق النزاع والحرب، والتي جاء الإسلام بأروع مثلها بشكل لا مثيل له آنذاك، فالحياة مصونة إلى أقصى حد ممكن، وحرمه الكرامة الإنسانية محفوظة حتى بعد الموت، فالتمثيل حرام حتى بالكلب العقور، والسر له أحكامه الأخلاقية المؤطرة بالرحمة، والزرع والمنشآت المدنية مصانة، وإطلاقات الدستور في مواضع متعددة تشمل هذه الحقوق.
وهذه المادة لا نجد لها أثرًا في الإعلان العالمي مما يشكل أكبر نقص فيه، وقد حاول العالم تدارك هذا النقص في اتفاقيات جنيف التالية.