للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوء توزيع الثروات:

وقد ذكرت وكالات الأنباء تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لعام ١٩٩٩م (١) أن ثروة أغنى ثلاثة رجال في العالم تتجاوز مجموع إجمالي الناتج القومي لخمسة وثلاثين دولة نامية يزيد سكانها عن ستمائة مليون نسمة. نعم دخل ثلاثة أشخاص فقط يزيد عن دخل ستمائة مليون فرد من أفراد العالم. أما ثروة المئتي شخص الأكثر ثراء في العالم فإنها تفوق دخل (٢٤٠٠) مليون فرد من سكان العالم!! أي عدالة هذه في توزيع الثروات!!

ونتيجة لهذا الخلل الرهيب في توزيع ثروات العالم تستولي الدول المتقدمة والتي تشكل (١٥) بالمائة من سكان العالم على أكثر من (٨٥) بالمائة من ثرواته.

كما أن (٩٧) بالمائة من براءات الاختراع في العالم تعود للدول الصناعية في أوروبة والولايات المتحدة واليابان. وتعاني الدول الفقيرة من سوء الإدارة وأنظمة متعفنة متسلطة، ومن الديون الرهيبة، حيث نجد أن خدمة الدين (أقساط الدين زائد الربا) تفوق الدخل القومي بأكمله. وفي تنزانية يزيد المبلغ الذي تدفعه سنويًا لتسديد ديونها مع الأرباح (الربا) عن تسعة أضعاف ميزانية الصحة، وأربعة أضعاف ميزانية التعليم فيها.

وفي تركية بلغت فوائد القروض (١٥٠) بليون دولار خلال الخمس عشرة سنة الماضية. وفي عام ١٩٩٩ م بلغت الميزانية (٤٥) بليون دولار، يخصص منها (٢٥) بليون دولار للديون الداخلية، وخمسة بلايين لفوائد الديون الخارجية، أي أن الربا على الديون بلغ (٦٧) بالمائة من الميزانية كلها (٢) .

ورغم ذلك كله فإن زمرة المتحكمين في أزمّة الحكم في هذه البلاد المتخلفة تستولي على ما بقي من الثروات.

والواقع أن معظم هذه الدول غنية بثرواتها الطبيعية، ولكن الدول الغربية منذ عهد الاستعمار إليى اليوم تستولي على هذه الثروات الهائلة من النفط واليورانيوم والذهب والمعادن والمواد الخام بأسعار تافهة. وبوساطة البورصة يتم امتصاص آلاف الملايين من الدولارات يوميًا فالبورصة بالعملات تبلغ تريليون ونصف التريليون (٣) دولار يوميًا، وإذا افترضنا أن ربح هذه العمليات لا يزيد عن واحد بالمائة يوميًا فإن ذلك يعادل (١٥٠٠٠) مليون دولار، وهو مبلغ يزيد عن ميزانية كثير من الدول.

كما يتم في البورصة تجارة الذهب والمعادن النفيسة والبترول يوميًا، بالإضافة إلى أسهم الشركات وسندات الحكومة ... إلخ. بمبالغ ذات أرقام فلكية، وتذهب أرباحها التي تصل إلى التريليونات في العام الواحد إلى دهاقنة المال وأربابه المتحكمين في بورصات العالم.


(١) الحياة العدد (١٣٢٧٥) في ١٣/ ٧/ ١٩٩٩.
(٢) المجتمع ٣ / ٨ / ٩٩.
(٣) التريليون يساوي مليون مليون.

<<  <  ج: ص:  >  >>