للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تقدم يتضح لنا أنه حتى وقت قريب لم تكن هذه الفئة من السكان تحظى بالقدر الواجب من الاهتمام والرعاية من جانب المجتمعات، باستثناء المجتمعات الإسلامية على تفاوت فيما بينها.

أ- وكانت أولى محاولات العلماء في هذا المجال قد تمثلت في تكوين نادي بحوث الشيخوخة بإشراف مؤسسة (جوزبامس) في عام ١٩٢٨، وقد كان بجهود فئة من العلماء المهتمين بالأمور البيولوجية والطبية، وبعد صدور كتاب مشكلات الشيخوخة (لكاودي) عام ١٩٣٩ بمثابة أول مرجع علمي للتعرف على النواحي البيولوجية والطبية لشيخوخة الإنسان سجل هذا المرجع بدأ التفكير العلمي المنظم في مسائل الشيخوخة، وقد استخدم فيه لأول مرة مصطلح (جيرونشولوجي) GERON Tolagy للدلالة على الدراسات العلمية لظاهرة الشيخوخة.

وقد زاد انتباه علماء الاجتماع وارتفاع نسبتهم بالقياس إلى مجموع السكان، مما كان له أثره في المجتمعات المتخلِّفة التي بدأت تولي اهتمامها لهذه الفئة.

ب) ثم ظهر الاتجاه الحديث في الاهتمام بالمسنين الذي يشير إلى النظر إلى مرحلة الشيخوخة – باعتبارها إحدى المراحل الطبيعية للنمو- واحتياجاتها التي يجب التخطيط لها منذ مراحل الحياة الأولى، وهذا ما يعرف بالاتجاه التنموي، الذي تشير الدلائل إلى أنه سوف يكون له تأثير مهم وحيوي في علم الشيخوخة الاجتماعي والخدمة الاجتماعية التطبيقية.

ويجدر بنا في هذا المجال أن نشير إلى أن كافة المجتمعات قد اتخذت الخطوط العريضة في معالجتها للمشكلة الناجمة عن تزايد فئة المسنين في المجتمع، وعمل كل منها على حل المشكلة بطريقته الخاصة التي تتفق وظروفه الاجتماعية والاقتصادية.

وقد نظرت المجتمعات إلى مشكلات كبار السن في بادئ الأمر على أنها مشكلات اقتصادية، وعلى هذا الأساس وضعت حلولًا علمية متمثلة في صورة معاش يمنح للشخص المسن للتقليل من أعبائه الاقتصادية التي تنجم عن التقاعد وتركه للعمل وانخفاض موارد رزقه.

ثم اتسعت نظرة المجتمعات في فهم مشكلات كبار السن حتى شملت العمل على توفير وبناء المساكن الاقتصادية اللائقة بهذه الفئة، ولقد بدأت هذه المشكلة الجديدة بعد استقلال كبار السن عن أولادهم وأقاربهم. وإذا كانت المجتمعات قد نظرت إلى الإسكان بصفة عامة على أنه مشكلة اجتماعية، وعملت على توفير وبناء مساكن شعبية رخيصة لسكانها؛ فلقد كان من الطبيعي أن تهتم تلك المجتمعات بتوفير مثل هذه المساكن لسكانها من المسنين.

ج) أما المرحلة الثالثة في مواجهة مشكلات السن فتتمثل في نظر البعض إليها على أنها مشكلات نفسية اجتماعية للمسن، الذي يحتاج إلى علاقات اجتماعية وأوجه نشاط تعينه على مواجهة الصعوبات وما يواجهه في هذه السن المتمثلة في فقدان الجاذبية والقوة وانفعالية الفاعلية الذهنية والعقلية وفقدان الإشباع والرضا الناتجين عن فقدان العمل والأقارب والأصدقاء نتيجة للوفاة أو تغيير مكان الإقامة (١) .


(١) انظر بحث (نحو رعاية اجتماعية أفضل للمسنين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>