للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا – التحكيم:

التحكيم في اللغة مصدر حكم، وهو يعني تفويض الحكم، يقال: حكمت فلانًا في مالي تحكيمًا، إذا فوضت إليه الحكم فيه (١) .

وفي الاصطلاح: عقد بين طرفين متنازعين يجعلان فيه برضاهما شخصًا آخر حكمًا بينهما للفصل في خصومتهما (٢) .

والتحكيم مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع.

أما الكتاب: فمنه:

١- قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] .

ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة، أن الله تعالى أمر ببعث حكمين في حال الشقاق بين الزوجين، حكما صالحا عدلا من أهل الزوج وحكما صالحا عدلا من أهل الزوجة؛ لحل النزاع بين الزوجين إذا لم يتمكنًا من تسويته بينهما بأنفسهما؛ تحقيقًا للعدل، وتحصيلًا للمصلحة، ودرءًا لما يتوقع من اتساع دائرة الخلاف فيما لو استمر الشقاق، ولولا مشروعية ذلك لما أمر الله سبحانه وتعالى به.

ب- ومنه قوله تعالى في جزاء الصيد بالنسبة للمحرم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: ٩٥] .

ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أن الله تبارك وتعالى أمر بتحكيم ذوي عدل لبيان المثلية في جزاء الصيد، وجعل ما حكما به كافيًا في الفدية من هذا المحظور، ولولا صحة ذلك لما أمر به الشارع ولما أقره.


(١) الفيومي، المصباح المنير: ١ / ١٧٦.
(٢) هذا التعريف للشيخ الزرقا، انظر، د. محمد أحمد القضاة، التحكيم في الشقاق بين الزوجين، بحث منشور بمجلة دراسات سعودية، المجلد الثامن عشر (١) العدد الرابع، وهو مأخوذ من تعريف، ص ١٧، مجلة الأحكام العدلية، المادة (١٧٩٠) مع زيادة يسيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>