للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما السنة: فقد دلت على ذلك بأدلة عديدة، منها:

أ- ما رواه النسائي عن شريح بن هانئ عن أبيه هانئ أنه لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنون هانئ بأبي الحَكَم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ((إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟)) )) .

قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال النبي عليه السلام: (( ((ما أحسن هذا. . .)) )) الحديث (١) .

ووجه الدلالة من هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أقره صنيعه واستحسنه منه.

ب- ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ رضي الله عنه في غزوة قريظة: (( ((هؤلاء نزلوا على حكمك)) )) . فقال سعد: تقتل مقاتليهم، وتسبي ذراريهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (( ((قضيت بحكم الله)) )) (٢)

وأما الإجماع فقد دلت عليه الوقائع الكثيرة التي اشتهرت وشاعت بين الصحابة من غير نكير منهم، في لجوئهم للتحكيم وقبولهم بنتيجته (٣) .

وإن كان ذلك كله مما يشترط فيه موافقة الشرع (٤) .


(١) سنن النسائي، باب إذا حكّموا رجلًا فقضى بينهم، كتاب آداب القضاة.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرجع النبي عليه السلام من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة.
(٣) من ذلك ما وري أنه كان منازعة بين عمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما في نخل، فحكما بينهما زيد بن ثابت. كما روي أن عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله تحاكما إلى جبير بن مطعم رضي الله عنهم، وكذلك حادثة التحكيم المشهورة في التاريخ الإسلامي بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بني أبي سفيان رضي الله عنهم، ونزول الهرمزان على حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٤) هناك أمور لا يجوز دخول التحكيم فيها، ومنها: حقوق الله تبارك وتعالى كالحدود مثلًا؛ لأنها تتعلق بالصالح العام، ولا يملك أحد التنازل عنها. انظر: الأردبيلي، الأنوار لأعمال الأبرار: ٢ / ٦١٥؛ وانظر أيضًا د. محمد أحمد القضاة، التحكيم في الشقاق بين الزوجين، مرجع سابق، ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>