إن الخطأ الكبير في الواقع هو أننا اعتبرنا أن قيام النقد الورقي بوظيفتي الوساطة في المعاملات وقياس القيم الحاضرة مقام النقدين شرطًا كافيًا، يكفل له أن نعطيه جميع ما لهما من أحكام فقهية، ونقول: خطأ كبير؛ لأن قيام النقد الورقي بهاتين الوظيفتين يعد شرطًا ضروريًا لكي يكون نقدًا، أما الشرط الكافي لاعتبار النقد الورقي بديلا كاملا للنقدين النفيسين، فهو أن يقوم أيضًا بوظيفتي قياس القيم الآجلة ومستودع الثروة بنفس الكفاءة التي كانت لهذين النقدين في الماضي.
هذا الشرط الكافي لا يتحقق إلا في حالة استقرار الأسعار (ولا نقول ثباتها بالضرورة) ، ولكنه بعيد عن التحقيق في ظروف التضخم، وخاصة كلما اشتدت حدته، لهذا صار غالبية الناس لا يدخرون ثرواتهم في العملات الورقية المتدهورة القيمة، بل في أشكال أصول أخرى مضمونة القيمة الحقيقية بطبيعتها، ولا يعتمدون عليها كمقياس للقيم الآجلة، بل يعملون على قياس هذه القيم بطرق مختلفة.